search
burger-bars
Share

 

تطيرُ أيام سِنيّ حياة الإنسان هنا على الأرض طيراناً، فلا تُخلِّف وراءها إلاّ أحداثاً ـ سعيدةً كانت أو

حزينةً ـ مع ذكرياتٍ وإنجازاتٍ تُحسَب له أو عليه، عند الله والنّاس!.

وعلى الحكيم من بَني البشر أن يستغلّ كلّ فُرصة سانِحة أو فترة انتقاليّة، حتّى يُصلح من شأنه ويُعدّل من مساره، ويَمضي قُدُماً من نجاحٍ لنجاح. وهذا هو عَين ما يريدنا الله أن نعمله، فنحن بمعونته نكون قادرين أن نُصلِح من أنفسِنا، لنمضي قُدُماً من مجدٍ إلى مجد.

رُبّما تسأل نفسك هذا السّؤال:

كيف يُمكنني أن أتغيّر وأن أُعدّل من سلوكي وتصرُّفاتي؟، وكيف لي أن أبلُغَ درجاتِ التّقدُّم والرُّقيّ؟.

لمساعدتك على الإجابة، سأُقدِّم لك بعض الإرشادات:

1. قيِّمْ وضعك الحالي في نهاية هذا العام المُنصرِم:

أنت تحتاج كأيِّ شركة تُصفّي حساباتها في خِتام العام، فتحسب ما لها وما عليها من أرباح وخسائر وإنجازات وإخفاقات ... الخ، أن تُقفِل حِسابات العام الذي مضى بكلّ ما مرَّ فيه. وأمرٌ كهذا له أهميّة قصوى، ويحتاج منك لالتفاتٍ وانتباهٍ تامَّين حتّى يكون بمقدورك تقديم تقييم واقعيّ ومدروس وصحيح. وبقدر المجهود الذي تبذله في ذلك، والدِّقة والأمانة اللتين بهما تُجري هذا التّقييم الشّخصي الشّامل، بقدر ما سيُعطيك ذلك مؤشِّراتٍ واضحة لمِا يكون عليك القيام به في العام الْجديد لتتقدّم نحو النّجاح. لا تُحاول أن تُحسِّن صورتك، أو أن تلتمس لنفسك الأعذار عمّا تكون قد اقتَرَفْتَه من أخطاء أو تقصيرات. بل واجِه ضعفاتك بشجاعة ورباطة جأش. كذلك من النّاحية الأُخرى، لا تقسو جدّاً على ذاتك، لئلاّ تفشل وتيأس وتشعر وكأنّ لا فائدة تُرجى من تغييرك وتقدُّمك. لا تكُن مُتطرِّفاً سَلباً أو إيجاباً، إنّما كُن واقعيّاً ومُعتدِلاً. أُشيرُ عليك أن تُصفِّي ذهنك وتُهدّئ نفسك وتسترخي، ثمّ اْختَلي بعدها بنفسك استعداداً لعَمَلِ هذا التّقييم الشّامل. أَمسِكْ ورقةً وقلماً واستَعِنْ بالله القدير ليُرشدك ويُنير بصيرتك لترى الأمور مثلما ينبغي أن تراها، ثمّ دوِّنْ كُلّ ما تراه يستحقّ التّدوين. أُكرِّرْ، لا تخشَ شيئاً، بل على العكس، كُلَّما امتلأَتْ الورقة كُلَّما سيكون ذلك في مصلحتك. لذلك استَرسِل واكتُبْ حتى آخِر ما ترى أنّك تحتاج أن تُسجِّله.

* بعض نواحي التّقييم والفحص:

كما سَبقَ وقُلنا، ينبغي أن تَشمَل نواحي التّقييم أجزاء مُتنوِّعة ومُتشعِّبة من داوئر الحياة ومناطِقها. وهُنا أَضعُ معك بعض مناطِق الحياة التي ينبغي عليك أن تعمَل عليها، منها:

ـ دائرة الرّوحانيّات والعلاقة الرّوحيّة مع الله الخالق.

ـ دائرة الصّفاء والسّلام الدّاخليّ مع النّفس.

ـ دائرة تطوير الشّخصيّة وتنميتها.

ـ دائرة اكتساب وتعلُّم وإتقان مهارات وخِبرات جديدة.

ـ دائرة الأُسرة والمُحيط الأقرب من العلاقات.

ـ دائرة العلاقات الشّخصيّة عموماً في المُحيط الأكبر والأشمل.

2. حلِّلْ هذا التّقييم بطريقة هادئة وموضوعيّة:

أنت تحتاج لا أن تقف فقط على المشاكل أو الظّواهر التي اكتشَفْتَها، لكنّك تحتاج أيضاً أن تعمل على تحليلها بعُمقٍ واستقصاء. مثلاً: أنت تحتاج أن تلتفِت جيّداً لنقائصك وعيوبك أو الأمور التي ترى أنّ أداءك فيها لم يكُن جيّداً. أنت تحتاج أن تتحرّى عن السّبب أو الأسباب التي تقف وراء ذلك، وأن تعرف الدَّور الذي شارَكْتَ فيه حتّى أدّى لذلك التّقصير (ربّما كان عليك القيام بأَمْرٍ لم تَقُمْ به، أو اكتساب مهارة لم تُتمِّمها، .... الخ). لا مانع أن تشترك مع صديق موثوق فيه يَعرِفك ويُقدِّرك جيّداً، في إجراء هذا البحث أو التّقييم، لكن بعد أن تكون قد أتمَمْتَه بنفسك أوّلاً.

3. ضع خطّة العمل:

الآن وبعد أن بحَثْتَ جيّداً في التّقييم، وتوصَّلْتَ لأُمورٍ موضوعيّةٍ تجاه أدائك الذي عَمِلْتَ به في المرحلة السّابقة، سيكون عليك الآن وعلى ضوءِ ما توصَّلْتَ إليه، أن تُخطِّطَ للعمل على إصلاح الأخطاء ونواحي التّقصير وتنمية المهارات،... الخ. وحتّى تضمن لنفسِك أداءً مُتميِّزاً في العام الْجديد تتلافى فيه ما قد فقَدْتَه في العام المُنصَرِم، أُدرس وخطّط وتحرّك وِفق منظُومةٍ مدروسةٍ بحسب الاحتياجات والأولويّات التي تحتاج أن تُنجِزها.

إبدأ العمل، حدِّد الأهداف العامّة والمَرحليّة، الأولويّات التي يلزمك البَدء بها والطّريقة التي ستعمل بها لتحقيقها، الأدوات والمهارات التي ستستخدمها، المحيطون بك الذين سيساعدونك، ..... الخ. كُلَّما كانت هذه الأمور مُحدَّدة وواضحة، كُلَّما سيكون بمقدورك إنجاز وتحقيق الأهداف بطريقة مُرضِية وفاعِلة.

4. أَصلِح العلاقات المكسورة، إغفِر، اعترِف بأخطائك ورُدَّ الحقَّ الذي سَلَبْتَه لصاحبه:

مِن الأمور التي تتسبَّب بظهور السّلبيّات في عالمنا، أن تُوجد بحياتنا سدود من عدم القُدرة على التّسامُح أو غُفران الإساءة لمن يُسيئون إلينا أو يجرحوننا. والبعض يَعبُرون من عامٍ إلى عام ومن مرحلةٍ لأُخرى، حامِلين معهم متاعِب وعَثَرات وأَحمال. وهُمْ بدون أدنى شكّ، في غِنىً عنها إن هُم أدركوا ذلك، فيئِنُّون ويَرزَحون تحت أثقالها وهُمْ لا يدرون. لكنّي أنصحك لو كُنتَ واحداً من هؤلاء، أن تُلقي ذلك عن عاتقك، وأن تسعى لإعادة بناءِ جُسورٍ تهدّمت بينك وبين الآخرين، وأن تبدأ ـ مع عامِك الْجديد ـ صفحةً جديدةً في علاقتك مع النّاس، ساعِياً لإصلاح ما يكون قد كُسِر من علاقات، حتّى تتمتّع بالرّاحة والسّلام وهدوء البال. قد يتطلّب الأمر منك تنازُلاتٍ أو اعتذاراتٍ أو ردَّ كرامةٍ أو مكانةٍ لشخصٍ ربّما تكون قد أسأت إليه في الماضي. إعمَل ذلك بجرأةٍ وشجاعةٍ وشفافيّة، حتّى مع أولئك الذين أساءوا إليك، حتّى يُمكِنك أن تبدأ العام الْجديد بسلامٍ وأمان.

5. إبدأ العام الْجديد بروحٍ جديدة وبقلبٍ جديد:

لا تفشل إن كان العام المُنقضي قد حَمَلَ لك جِراحاً أو هزائِمَ أو إخفاقاتٍ، لكن انظُر للعام الآتي كعطيّةٍ مَنحَها الله تعالى لك وفُرصةٍ أُخرى، لتبدأ بقلبٍ جديدٍ وبروحٍ جديدةٍ. انظُر للأمام برجاءٍ وثقةٍ، ألاّ تُكرّر في العام الْجديد ما ارتكَبْتَه من أخطاءٍ أو ضعفاتٍ أو تقصيرات. وكما قُلنا سابقاً، تخلّص من أحمالك وضعفاتك وأَقْبِل على هذا العام بروح مُتجدِّدة إيجابيّةٍ ورائعة.

6. لا تنسَ أنّ وجود الله في حياتك يُعمِّرها ويُباركها ويضمن لك النّجاح والفَلاح:

وما دام العام الْجديد هو عطيّةٌ مِن الله لنا، سَنةٌ جديدةٌ يُضيفها لأعمارنا، فنحن نحتاج أن نقترب مِن الله في البداية، طالِبين هِدايتَه وإرشادَه ونورَ وجهه وقيادتَه لَنا في كُلِّ صباحٍ جديدٍ يُشرِقُ علينا.

أُطلُبْ بَرَكة الله تعالى على مستقبلك وأيّامك. أُطلُبْ هِدايته وإرشاده لك ولأعمالك وأسرتك وكُلّ المُحيطين بك. وليُعطِك إله السّماوات بَرَكة وقوّة في العام الْجديد.

وكُلّ عام وأنتَ بخير.

إذا كان لديك عزيزي القارىء أيّة مشكلة تحبّ أن تشاركنا بها، وتحبّ أن نصلّي لأجلك .. اتّصل بنا

 

FacebookXYouTubeInstagramPinterestTiktokThreads
دردشة
تم إغلاق هذه الدردشة

تحميل تطبيق "الإيمان والحياة"

Android
iPhone