search
burger-bars
Share


يومك أقصر من أن تعمل فيه كلّ ما تتمنّاه

ظروفك وإمكاناتك ربّما أقلّ من أحلامك وطموحاتك!

دائرة معارفك وصداقاتك لا تُلبّي كلّ حاجاتك النّفسيّة والعاطفيّة

عمرك أقصر من أن تضيّعه هَباءً!

لكلّ هذه الأسباب وغيرها .....

أنت تحتاج أن تتعلّم كيف تُنظّم حياتك بالطّريقة التي تعود عليك بأعظم نفع، وبحدّه الأقصى!!

ما الذي نقصده بتنظيم الحياة؟

تخيّل ـ عزيزي القارئ ـ أننا أردنا يوماً أن نبني جداراً، فأحضرنا مجموعة من قوالب الطّوب لكي نبني بها الجدار، وأقمنا حارساً لحراستها والحفاظ عليها من السّرقة، لكنّنا لم نقُم بوضع قوالب الطّوب بالكيفيّة أو بالطّريقة التي تجعل أمر حراستها سهلاً ،بل وضعناها في شكل كَومة من قوالب الطّوب، تُرى ما الذي سيحدث؟.

ببساطة، ومهما كانت يَقظة الحارس وأمانته، فإنّ أعداداً من قوالب الطّوب سيكون من السّهل جدّاً سرقتها أو ضياعها أو تَلَفها. بينما لو كانت القوالب قد وضِعَت فوق بعضها بنظام وترتيب، فإنّ الأمر سيكون أسهل وأكثر فاعليّة، من جهة سلامة وحفظ هذه القوالب من السّرقة أو التّلف أو الضّياع، أليس كذلك؟

إنّ هذا هو ما نقصده بالضّبط ـ عزيزي القارئ ـ عندما نتحدّث عن تنظيم الحياة.

إنّ حياتنا ومواعيدنا وأهدافنا وتطلُّعاتنا وأحلامنا وآمالنا وخططنا، ..... الخ يُمكن تشبيهها بجدار من الطّوب (قوالب الطّوب) الموضوعة بنظام فوق بعضها البعض، قوالب الطّوب السّليمة، أو كَكَومة الطّوب المُلقاة على قارعة الطّريق دون أن نُوفّر لها أدنى مستويات السّلامة والأمان، ممّا يُعرّضنا لأخطار وأضرار يصعب حصرها كما سنتحدّث عن ذلك بإيجاز لاحقاً. لكن السّؤال الذي ينبغي أن يشغلك الآن في مُحاولة للتّقييم وفحص النّفس هو: هل حياتك الآن هي عبارة عن جدار مرصوف، أم كَومة؟!.

· ما هي الأضرار أو المخاطر التي تعود علينا من جرّاء عدم تنظيمنا لحياتنا؟

لقد صارت أمور الحياة في هذه الأيّام أكثر تعقيداً من ذي قبل وكَثُرت الاهتمامات والمشغوليّات، فباتَ الاختيار وترتيب الأولويّات وسط زحمة الحياة من أكثر الأمورِ صعوبةً، وهذا كلّه يجعلنا نحتاج أن نتعلّم كيف نكون مُرتّبين، مُنظّمين، قادرين على ترتيب الأولويّات ووضع الخطط بطريقة سليمة، لنضمن إنجازات حقيقيّة.

لكن دعني ـ عزيزي القارئ ـ أُقدّم لك نموذجاً أبسط وأوضح، يُجسِّم لنا الموقف بطريقة حيّة. الكثيرون منّا تكون أدراج مكاتبهم أو خزانات ملابسهم غير مُرتّبة أو مُنظّمة وأحياناً بيوتنا كلّها! تتّسم بالفوضى وعدم النّظام أو الترتيب. إنّ أمراً كهذا يحدث معي أنا شخصيّاً، أن يمتلئ مكتبي بالعديد من الأوراق والكتب والمراجع والأدوات المكتبيّة والسّمعيّة،.... الخ، لأنّني وضعت أشياء كثيرة في أماكن غير أماكنها الصّحيحة، أو استخدمت كتباً ومراجعاً ولم أُعيدها لمكانها، سهواً أو قصداً أو كسلاً أو إهمالاً، ليس المهم كيف أو لماذا؟. لكن المهم أنّني أدفع الثّمن نزفاً من الوقت والجهد والمال، أبحث عن أشياء مهمّة وقت حاجتي الشّديدة لها فلا أجدها، أشتري أشياءً أو كتباً وهي موجودة عندي، لكن الفوضى التي أعيش فيها تتسبّب في أمورٍ كهذه!!!.

· كيف أُنظّم حياتي؟

1. صمّم على أن تترك عادة الفوضى في حياتك قبل أن تُحطّمك:

إنّ المّشكلة الحقيقيّة هي أنّنا كبشر، لدينا عادة اعتياد الأشياء، أي أنّنا نتعوّد على ما نعمله بحياتنا، خطأً كان أم صواباً، فنفقد بذلك الرّغبة في رؤية الأمور بطريقة صحيحة. فنحن مثلاً نعتاد التّأخُّر عن المواعيد، فتتأصّل هذه العادة فينا، فلا نعود نشعر بأنّ مشكلة أو خطأ ما يحدث إن نحن ذهبنا مُتأخّرين عن الموعد المُحدّد؟!!. ونحن يُمكننا أيضاً أن نعتاد على أمور كثيرة سيّئة، كالكذب أو القَسَم (الحِلفان) أو النِّفاق والرِّياء أو السُّباب (الشّتم) ... الخ، فتصير هذه الأمور السّيّئة هي طبائعنا المُتأصّلة، نعتادها ولا نشعر بالمُشكلة ولا نسعى لتغيير أنفسناا!!.

لذا فإنّني أقترح عليك أن تُحضر ورقةً وقلماً وتجلس في مكان هادئ ـ جلسة سكون واسترخاء ـ ثمّ تُراجع حياتك وسلوكيّاتك وتبدأ في تقييم أوضاعك، وتُسجّل بالورقة كلّ سلبيّة لديك، لتبدأ فوراً في مُراجعة نفسك فيها والعمل على تلافيها.

2. ضع كلّ شيء في مكانه الصّحيح دائما وأوّلاً بأوّل:

وأنا هنا لا أعني الأشياء فقط، لكنّني أتحدّثُ عن هذا المبدأ من كلّ الوجوه، مثلاً: إعمل كلّ شيء في وقته المُناسب تماماً، لا مُبكّراً ولا مُتأخّراً، يقول الملك سليمان الحكيم: "إنّ لكلّ شيء تحت السّماء وقت". فنحن لا يُمكننا أن نُعجّل الزّرع ليُثمر بسرعة، ولا أن نتأخّر عن قطفه عندما ينضج!. وما أكثر الأمور التي نُدمّرها ونخسرها إن نحن حاولنا أن نعبَث بالتّوقيت. وأتحدّث أيضاً عن العلاقات والتّفاعلات البشريّة والنّظرة العامّة للأمور. إنّ كلمة واحدة لا تُقال في وقتها المُناسب يُمكن أن تتسبّب في مشكلة قد يصعب حلّها، إنّ شهوة ما لم تُشبَع بالطّريقة المُناسبة، (ومثال ذلك أيضاً المُمارسات الجنسيّة وإشباع الشّهوات خارج الإطار الذي رسمه الله بالزّواج)، يُمكن أن تُكلّف أكثر بكثير ممّا قد يتصوّر الفرد منّا، وكذلك خطأ ارتكبتُه في حق أحد ولا أريد الاعتذار عنه، يُمكن أن يقطع علاقتي بهذا الشّخص ربّما للأبد، مع أنّ الأمر ليس بهذه الصّعوبة، ولا يحتاج لأن أدفع مُقابله ثمناً باهظاً كهذا، ... الخ.

لقد قصدتُ أن أُقدّم ـ فيما سبق ـ عدّة أمثلة واقعيّة مُناسبة ترينا كيف أنّنا إن تعلّمنا كيف نضع كلّ شيء في حياتنا ـ قولاً كان أم فعلاً ـ في مكانه الصّحيح وفي وقته الصّحيح وبالطّريقة المطلوبة، فإنّنا نوّفر علينا وعلى الآخرين متاعب لا حصر لها ولا طاقة لنا بها، ونحن بذلك نتجنّب أيضاً كل تشويش يُمكن أن يحدث بحياتنا. فهل تُرانا نعمل؟

3. دع عالمك الدّاخلي يسود الخارجي ويُنظّمه:

إنّ الإنسان الذي ينساق وراء الأمور العالميّة والدّنيويّة ويُهمل الحياة الرّوحيّة الدّاخليّة والإنسان الذي يُطفئ صوت ضميره السّاكن في أعماقه، الذي هو بمثابة بوصلة المُسافر ودفّة السّفينة التي تحميها من الشَّطَط والتِّيه، يخسر بهذا حياته الأرضيّة وكذلك الأبديّة على حدٍّ سواء!.

دعنا نعود لضمائرنا ولصوت الله الذي يصرخ في دواخلنا، مُنبِّهاً ومُحذِّراً إيّانا،بأن نجعل سيادة حياتنا في يده هو وحده، فنجد بذلك لحياتنا المعنى والهدف وننجو أيضاً من أخطار الطّريق. يقول الإنجيل المُقدّس في إنجيل متّى 16: 26 .  

4. رتّب أولويّاتك جيّداً، ضحّي بالمُهمّ لتكسب الأهمّ:

فلو كانت لديك أموراً كثيرة لتعملها، إختَر الأهمّ فالأقلّ أهميّة، وعادةً ما يكون المُهمّ ثقيلاً وليس له إغراء أو انجذاب، بينما الأقلّ أهميّة يحظى بالإغراء والانجذاب، فالأرضيّات مثلاً تشغلنا ببريقها عن الأبديّة، والتّرفيه يشغلنا عن التّعلُّم وهكذا. لكنّي أقول لك تنازل عمّا قد يبدو ضروريّاً ومُهمّاً، لكي تكسب ما هو أهمُّ وأجدى.

5. كُن دوماً سيّد الموقف بحياتك:

لا تسمح لعادة أو شهوة أو علاقة أو ..... أن تستعبدك، هكذا يعلّمنا الحكيم سليمان في أمثال سليمان 16: 32 . لذلك اُطلب من الله أن يُحرّرك من أي أمر فاسد أو عادة سيّئة أنت مُستعبَد لها، فالله هو وحده الذي يقدر أن يُحرّرك ويفتقدك.

6. اْخلط بتوازن بين أوقات العمل والرّاحة:

هناك مقولة شهيرة تقول: "إنّ الوقت كالسّيف إن لم تقطعه قطعك". لكنّ استغلال الوقت لا يعني أن نعمل فيه كلّه بنسبة مائة بالمائة. إنّ من أهمّ العناصر التي يُمكنها أن تساعدنا على تنظيم حياتنا بفاعليّة، هو أن نعرف كيف نعمل ونتعلّم أيضا كيف نستريح. أن نتدرّب على أن نعمل، ونتدرّب أيضا بخصوص كيف ومتى يجب علينا أن نتوقّف عن العمل!. إنّ النّاس في الغرب، وأنا أقولها في نقدٍ موضوعيّ للذّات، لا يعملون بأيّ حال من الأحوال أثناء عطلاتهم الأُسبوعيّة، لكنّهم يخرجون للأماكن المفتوحة كالغابات والحدائق، وشاطئ البحر .... الخ، للتّنزُّه و تجديد النّشاط للعودة للعمل براحة ونشاط وبأكثر فاعليّة، وذلك لأنّ أجسادنا وأذهاننا تحتاج للرّاحة حتّى نستطيع أن نداوم العمل، وإلاّ فلن نتمكّن من مُواصلة المسير!!.

لذا صديقي تعلّم كيف تخلط ـ بتوازن ـ بين أوقات العمل والرّاحة، فكلاهما مهمُّ ولا يُمكن لنا الاستغناء عنه، إن أردنا أن نحيا الحياة الصّحيحة، وإن أردنا أن نتمتّع بتنظيم رائع لحياتنا ولأيّامنا.

إذا كان لديك عزيزي القارىء أيّة مشكلة تحبّ أن تشاركنا بها، وتحبّ أن نصلّي لأجلك .. اتّصل بنا 

FacebookXYouTubeInstagramPinterestTiktokThreads