search
burger-bars
Share

الأديان بين العقيدة والتطبيق1  - هل كلّ الأديان تدفع إلى العنف؟

 

- لماذا قال السّيّد المسيح في متّى ٣٤:١٠: "لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا" و«جِئْتُ لأُلْقِيَ نَارًا عَلَى الأَرْضِ، فَمَاذَا أُرِيدُ لَوِ اضْطَرَمَتْ؟ (لوقا 12: 49).
- كيف يمكن تقييم الدِّين والحُكم عليه؟

يعتقد الملحدون: أنّ كلّ الأديان تدعو إلى العنف، وأنّ الدِّين هو السّبب الأوّل للحروب والقتل في العالم. ولهم الحقّ في قول ذلك ..

العنف في المسيحّية
يقول الملحدون وغير المسيحيّين: "كانت الكنيسة في العصور الوسطى أو العصور المظلمة، تمارس القتل لكلّ من يخالفها في الرّأي وقد ادّعت أنّ لديها مفاتيح السّماء، وباعت للنّاس صكوك الغفران، وقامت بقتل عدد كبير من النّاس ومن العلماء والفلاسفة، وقد أدّت تصرّفات الكنيسة على هذا النّحو لانتشار الإلحاد في أوروبا والعالم الغربي بأكمله.

- فقد قال السّيّد المسيح في متّى ٣٤:١٠ - 37: "لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ، وَالابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ. مَنْ أَحَبَّ أَبًا أَوْ أُمًّا أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ أَحَبَّ ابْنًا أَوِ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي".
"جِئْتُ لأُلْقِيَ نَارًا عَلَى الأَرْضِ، فَمَاذَا أُرِيدُ لَوِ اضْطَرَمَتْ؟" (لوقا 12: 49).

كلّ هذه الآيات وكلّ هذا التّاريخ العنيف في المسيحيّة، وتخبرني أنّ المسيحيّة ليس فيها عنف وأنّها دِين محبّة؟؟

المسيحيّة في العصور الوسطى
العصور المظلمة، هي فترات في التّاريخ الأوروبي انتشر فيها الجهل والفقر والتّقوقع حول الذّات، وتواري الحياة المدنيّة والتّعصّب والهوس الدّيني والحروب والصّراعات (في رأيي إنّها فترة تشبه إلى حدّ كبير وضع معظم دول الشّرق الأوسط حالياً).

- الطّغيان الدّيني (محاكم التّفتيش): بدءاً من فرض عقيدة التّثليث، مروراً باضطهاد الكنيسة لكلّ المخالفين لها، انتهاء بثورة "مارتن لوثر".

يقول برنتن (مؤلّف كتاب تشريح الثّورة): "لم يكن بوسع الكثيرين من أفراد المجتمع الغربي أن يعترفوا صراحة بالإلحاد أو اللاأدرية أو بمذهب الاتّصال بالله أو بأيّة عقيدة أُخرى غير المسيحيّة.

- الطّغيان السّياسي: فقد تحوّل رِجال الدِّين إلى طواغيت وسياسيّين محترفين، وتملّكتهم شهوة عارمة للتّسلّط ورغبة شرهة في الاستبداد، بزعم تطبيق الشّريعة وأنّ البابا ظِلّ الله على الأرض.
فقد كانت الكنيسة ترى أنّ خضوع الملوك لها ليس تطوّعاً منهم بل واجباً يقتضيه مركزها الدّيني وسلطانها.

ظهور الطّبقة البرجوازيّة Bourgeoisie
أدّى ظهور الطّبقة الوسطى التّجاريّة في أوروبا إلى تغيير وجه الحياة، فتغيّرت نظرة النّاس إلى عادات وتقاليد العصور الوسطى. فانتعاش رؤوس الأموال أظهر شخصيّة هذه الطّبقة في مواجهة الإقطاع والرّأسماليّة ومنها الكنيسة الكاثوليكيّة نفسها، ممّا أخذ معه البناء السّياسي والفكري والدّيني والقانوني والفلسفي في الانهيار أمام هذا البناء الجديد.

فكانت الكنيسة الكاثوليكيّة في ظلّ العلاقات الإقطاعيّة قد استطاعت أن تصوغ الدِّين في شكل يتّفق مع هذه العلاقات، فعملت على تمجيد حياه الزّهد والتّقشّف والنّهي عن التّمتّع بجمال الحياة ونعيمها بالنّسبة للشّعب فقط دون رِجالها.
كما دعت هؤلاء النّاس إلى تعذيب النّفس وحرمانها استعداداً لنعيم الآخرة، وذلك بغرض حمل الشّعب على قبول الاستغلال بإذعان واستسلام.

كانت الكنيسة تطلب من النّاس اتّباع تعاليمها دون مناقشة الأمر الذي أمات فيهم روح البحث والابتكار.
وفي الوقت الذي كانت فيه الكنيسة تقوم بهذا إزاء الجماهير الكادحة، كانت تمارس الاستغلال المادّي لهذه الجماهير، بأشدّ ممّا كانت تمارسه طبقة النّبلاء والإقطاعيّين.

كان الباباوات في روما يعيشون عيشة التّرف، وانغمس بعضهم في حمأة الرّذيلة، كما تمتّع بعض رِجال الكنيسة بالكثير من الحقوق والامتيازات الدّينيّة والمدنيّة التي لم يكن يتمتّع بها سائر أفراد المجتمع آنذاك.

وفي الوقت نفسه لم تكتفِ الكنيسة بما كانت تتمتّع به من مركز هام في المجتمع الإقطاعي بحكم دورها الدّيني، بل أراد الباباوات إخضاع الأباطرة لسلطتهم وبمعني آخر إخضاع السّلطة المدنيّة للسّلطة الدّينيّة. وهذا ما أدّى لظهور النّزاع على السّلطة بين الكنيسة والدّولة.

تابعنا في المقال القادم: الأديان بين العقيدة والتّطبيق 2.

 

 

FacebookXYouTubeInstagramPinterestTiktokThreads
دردشة
تم إغلاق هذه الدردشة

تحميل تطبيق "الإيمان والحياة"

Android
iPhone