search
burger-bars
Share

خبر عاجللم يكن عام 2011 أو النّصف الأوّل من عام 2012 سهلاً على النّاس الذين يعيشون في تونس، مصر، ليبيا، اليمن وسوريا. فالحياة بالنّسبة لهم كانت عبارة عن أخبار عاجلة جدّاً. فكلّ يوم هناك شيء جديد،

بل أحياناً كلّ ساعة هناك خبر عاجل. لذلك أصبح الخبر العاجل هو خبزنا اليومي، لأنّنا أصبحنا نعيش عليها ونترقّبها بشكل دائم، إذ أصبحت عادة يوميّة عند الكثير من النّاس. فالأخبار العاجلة صارت تصلك على هاتفك النّقّال كرسائل قصيرة دون أن تلتزم بمتابعة التّلفاز أو الإنترنت.

سوريا:

ولأنّني سوري أعيش خارج سوريا وأتابع بكثرة أخبار سوريا، صارت الأخبار العاجلة كالهَوَس في بيتنا. فإمّا أنا أو زوجتي نتسابق بإخبار بعضنا عن آخر المستجدّات (الأخبار العاجلة). ولأنّ أهلي وأهل زوجتي يعيشون في سوريا صار عندي تخوّف أن أسمع خبراً عاجلاً عن استهداف المنطقة التي يعيشون فيها، أو عن تفجير في مكان يذهبون إليه عادة. لذلك لم يعد الخبر العاجل هواية أو روتين يومي، بل أصبح كالكابوس يرافقني كلّ يوم. فكلّ مرّة أرى على شاشة التّلفاز عبارة: "خبر عاجل" أقول مباشرةً قبل قرائته: "الله يستر". حتّى الهاتف، أصبحت أخشى من رنّته، ففي كلّ مرّة يرنّ فيها، أقول في نفسي: "لقد وصلت السّاعة التي أخشاها، الآن سأسمع خبراً سيّئاً".

خبر عاجل من إبني:

قبل أيّام سألني ابني (10 سنوات ونصف): "لقد انتهت المدرسة والآن نحن في العطلة الصّيفيّة، متى سنذهب إلى سوريا للزّيارة ككلّ سنة؟؟" قلت له: "ربّما لن يكون بمقدرونا أن نذهب هذه السّنة، فأنت تعرف أنّ في سوريا الكثير من المشاكل الآن، فكيف نذهب، ألست بخائف؟؟" قال لي: "لماذا أخاف طالما أنا معك ومع أمّي، فنحن سنكون كعائلة واحدة هناك ونحن أقوى من الأشرار." كان كلام ابني لي كالخبر العاجل الذي أرسله الله لي. وعندها تذكّرت كلام السّيّد المسيح: "الحقّ أقول لكم إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السّموات" (إنجيل متّى 18: 3). فكما أنّ ابني يتّكل على أبيه ولا يخاف ويشعر بالقوّة، هكذا يجب أن أثق أنا بأبي السّماوي وأتّكل عليه وألّا أشعر بالخوف. بعد أن انتهيت من الكلام مع ابني، والاتّفاق على أنّنا سنذهب إلى سوريا بالوقت الذي نرى فيه الظّروف مناسبة، عدت إلى نفسي وفكّرت في الخبر العاجل (مع أنّني أعرفه منذ سنوات طويلة) إلّا أنّه عاجل في مناسبته لوضعي وتخوّفي. شكرت الله وسلّمت نفسي وعائلتي في سوريا من جديد له، متّكلاً عليه كأب سماوي يقدر ويريد أن يحافظ علينا جميعاً أينما كنّا.
لا أعلم إن كنتَ تستطيع أن تتّكل على الله بشكل كامل، كما يتّكل الطّفل على أبيه الذي يعتبره أقوى من أيّ شخص في العالم.
هذا هو الخبر العاجل لك اليوم ربّما كي تضع مخاوفك عند الله، كي يعتني بشؤون حياتك.

مدوّنات - blogs