search
burger-bars
Share

قرأت لك - ابن حماسمصعب حسن يوسف ، هو ابن أحد مؤسسى حركة حماس الفلسطينية ، تحول الى المسيحية فى العقد الماضى ، عموما لن يكون هذا موضوعنا الا اذا سمح السرد  بهذا أو بالأحرى اضطرنى اليه.


كتب مصعب هذا الكتاب ( ملحوظه يدعونه الآن جوزيف فى الولايات المتحدة الأمريكية ) كما قد يبدو باللغة الانجليزية فى أمريكا ، ومن ثم تمت ترجمته ، الكتاب لم يأت بذكر للدين المسيحى سوى فى خمس مرات على الأكثر كما جاء أيضا ببعض الشىء عن الاسلام ، عموما هذا ليس موضوعنا الان أو هنا
.


قبل أن أغوص فى تفاصيل الكتاب أكثر ، أحب أن أتحدث فى لمحة خاطفة عما جعلنى مهتما بالقضية الفلسطينية الاسرائيلية ، فى يوم من الأيام كان أخى سامح جالسا أمام التليفزيون ، وكان يسمع بانصات شديد واضح نشرة الأخبار ، وكنت أنا بجواره لا أتذكر ما كنت أفعل ساعتها ، كان هذا ربما فى أواخر 2005 أو فى أوائل 2006 على ما أظن ، وجدت أخى سامح يكلم نفسه : لأ لأ كده اسرائيل زودتها  قوى ، وبعدها بدقيقة على الأكثر قال : أهو كده كملت .  كان سبب قولته الأولى كما ظهر فى التليفزيون غارة وحشية اسرائيلية على أراضى فلسطينية ، أما سبب كلماته الثانية فلم أعرفه سألته أجاب بأن من يشبهون الأخوان المسلمين فى مصر وصلوا لسدة الحكم . لم أكن صغيرا فى وقتها بالطبع ، لكنه كان يعرف أننى لا أعرف وأفهم معنى كلمة حماس وكلمة فتح ، ولا الى أى شىء تشيران !!!


شىء آخر وهو أنه على اثر الغارات الاسرائيلية أو مقتل فلسطينى كنا نجد أحيانا بعض الطلبة البلطجية ، يقولون لنا أنتم المسيحيون تابعون لاسرائيل لأن دينكم واحد ،  ( على أساس أننا نؤمن بالعهد القديم ) ولهذا السبب كنت أحيانا أبحث عن أى شيئ لأقرأه عن الصراع العربى الاسرائيلى أو عن الفروق بين اليهود والمسيحيين ، جدير بالذكر أنه فى الأعياد الوطنية الخاصة بوقت الاحتلال الانجليزى - وهذا المشهد متكرر لدى أطفال المدرسة الابتدائية  - كنا كأطفال مسيحيين نجد الأطفال المسلمين يقولون ( يا عزيز يا عزيز كبة تاخد لانجليز ) ولا نستبعد - سواء قبلها أو بعدها - أن يشتمنا أحدهم أو يضربنا ، عموما ليس هنا مكان هذا الموضوع على الاطلاق .
المهم هذا ما جعلنى أنتبه للصراع العربى الاسرائيلى ، ورغم أنه يوجد بعض الشىء عنه فى كتب تاريخ التربية والتعليم الا أنه لم يشبعنى كطالب لمعرفة مثل هذه الأمور .
لكن النشرات الأخبارية - الله يخليها - كانت تأتى دائما بأخبار الغارات الاسرائيلية ، ومقتل الفلسطينيين ، لكن طبعا حتى قبل ثورتنا العظيمة لم أكن أسمع أو أعول على التليفزيون المصرى كثيرا ، لكن هذا لا ينفى بالطبع ما يتعرض له الفلسطينيين .


ذهبت لموقع ابن حماس بالانجليزية ( فقط ) عبر اعلان فى الفيس بوك على ما أظن ، أو مجرد اشارة فى موقع مسيحى آخر ، ورغم أننى غير مهتم بالتنصير وكل ما على شاكلته ( بما فى ذلك موضوع كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين ) ، الا أننى قلت : فلأقرأ صفحة أو اثنتين ، حملت الكتاب على الكمبيوتر وقرأت ، ولم أنتهى من صفحة أو اثنتين أو حتى عشرة فقط ، بل انتهيت من قراءة الكتاب كله فى جلسة واحدة ، علما بأن الكتاب مكون من 294 صفحة ،  هذا كان منذ حوالى شهر تقريبا .


كنت أظن أنه سيقول المسيح ويسوع والله ، والاسلام والمسيحية ، فى الحقيقة مقارنة الاسلام بالمسيحية أو أى دين بآخر تسبب لى ضيق فى التنفس :) لكننى وبالعكس من ذلك وجدت فى كتاب ابن حماس ما يشير الى أنها سيرة ذاتية مقبولة أدبيا ، وسيرة مبسطة جدا عن الصراع  العربى الاسرائيلى ، لكنها فى الواقع مغايرة الى حد ما عما نسمعه ونقرأه لأى شخص عربى عادى ، بالأضافة الى التلفزيون المصرى !!


بصراحة ، الكتاب صادم جدا فى أشياء كثيرة جدا ، لم أكن أتوقع أن أسمعها أو أقرأها فى حياتى على الاطلاق ، على الاطلاق ، على الاطلاق ، أن ينعت مصعب الرئيس ياسر عرفات بمحب الشهرة والأضواء وعدسات التليفزيون والكاميرات التصويرية ، فهذا كان صدمة .  أن يترك قادة حماس أسرات منتحريهم ومسجونى السجون الاسرائيلية أو الفلسطينية يبحثون عن لقمة العيش بصعوبة بالغة وفى الغالب لا يجدونها فهذا صدمة ، مثلما حدث لمصعب عندما كان أبوه مسجونا لدى اسرائيل ،فكان يذهب مع أمه الى السوق كى يشترى معها أغراض المنزل وكان يبحث عن بواقى البائعين فى الأرض والتراب ، وكانت أمه تفاصل مع البائعين كثيرا ، وكانت تشترى أشياء يأنف منها الانسان ، لكنها كانت تقول للبائعين أن هذا مجرد أكلا للطيور ،  فقامت أمه بعمل بعض الحلويات المخبوزة ليبيعها هو ، والصدمة الأخرى فى ذلك الموقف.

 عندما أحس خاله بغضب شديد عندما رآه هو ومجموعة من أصدقائه هكذا يبيع كأطفال الشوارع من وجهة نظره ، كمكافح عظيم من وجهة نظرى أنا محب ، بل وذهب يعنفه ويوبخه أمام والدته ، ولم يفكر قط فى اعطائهما ولو ربع جنيه مصرى حتى ، وأنا - محب - كان على تبديل العملات !!!  كل هذا رغم أن الشيخ حسن يوسف أبو مصعب هو أحد سبعة من مؤسسى حركة حماس ، صدمة مشابهة لهذه عندما اتصلت أرملة صاحب مصعب الانتحارى الذى مات فى عملية انتحارية ، قائلة له أنها وأطفالها لا يجدون قوت يومهم !!! صدمة أخرى عندما قرأت ما يفعلونه قادة حماس فى أحد السجون الاسرائيلية المعطاة لهم فيها بعض الحرية ، فهم يعذبون بنى جلدتهم - فى السجن عذابا مريرا الى أن يعترف المعذبون بأشياء تتقزز نفس أشر الأشرار حتى من سماع مثيلاتها ، فهذا مثلا يعترف - تحت وطأة التعذيب - أنه اضجع مع جميع نساء القرية وهذا مع بقرتهم ومن ثم حمارتهم ومن ثم أخوته البنات وأمه ، صدمت ساعتها وقلت : أيه الهبل ده ؟؟!! وصدمات أخرى كثيرة جدا ...


فى عام 1999 م تحول مصعب فى داخله الى المسيحية ، بواسطة حضوره لبعض اجتماعات دراسة الكتاب المقدس بالقدس باللغات الانجليزية والعربية والعبرية ، وسماعه لقناة الحياة الفضائية ،  لكنه لم يعلن ذلك الا فى كتابه هذا الذى نقرأه ، أى بعد أن سافر الى أمريكا ، أكثر ما صدمنى فعلا هو قبول مصعب أن يعمل كجاسوس اسرائيلى ، لكنه حاول على قدر الأمكان فى كتابه أن يعرف قارئيه أنه لم يكن هكذا ، بل كان جاسوسا للأنسانية ، بل أننى أحسست فعلا أنه كالجاسوس الذى يسافر الى كوكب معاد لكوكب الأرض كى ينقل لنا معلومات تهمنا .  كان مصعب بعد أن أتفق مع الضابط لؤى فى السجن الاسرائيلى على العمل الذى سيقوم به لاحقا ، قد أثرت فيه تعاليم المسيح التى تقول أحبوا أعدائكم ، وتأثر بمعاملة الاسرائيليين الجميلة معه ( هنا هو يقصد بالطبع معاملته حين كان جاسوسا ، ليس عندما كان سجينا ) ، فأحب الاسرائيلين حتى أحس فعلا بأنهم ليسوا أعداءه الحقيقيين ، وهذا أدى الى أعتقاده بأن لا يوجد - أو بالأحرى من المفترض ألا يوجد - عداوة بين انسان وآخر، رغم أنه كان يضايق عربات المستوطنين اليهود عند عبورهم على بلدته عندما كان فى طور المراهقة . 

 كان عمل مصعب ( حاليا يسمونه جوزيف فى أميركا ) هو أن يساعد الضابط لؤى فى اغتيال والقبض على من يثيرون فزع المواطنين الاسرائيليين المدنيين ، بل ويحصدون من أرواحهم الكثير ، كان مصعب حينها يعتقد ومازال أنه يؤدى خدمة عظيمة جليلة لله والانسانية والسلام ، فأخذ يدل لؤى ومن يعمل معه الى المطلوبين والذين يدعوهم أحيانا ارهابيين  ، وأخذ يعمل الخدع ليقى مدنيى اسرائيل شرهم .لكن مصعب أثبت فعلا أنه جاسوس  السلام عندما طالب لؤى ورؤساءه بشدة عدم اغتيال الانتحاريين الأردنيين ، بل سجنهم فقط ، فقد كان يعتقد أنه بذلك يقتلهم بيديه ، ولشدة الحاحه على لؤى ورؤسائه أذعنوا له مضطريين ، وعملوا الصعب بل المستحيل ( القبض عليهم واعتقالهم )  وتركوا السهل جدا ( الأغتيال ) ، لكن الله جعل المستحيل سهلا اكراما لنفس محبة للسلام هى نفس مصعب حسن يوسف.

ظهر من الكتاب حب مصعب الكبير والعميق لأبيه الشيخ حسن يوسف ، لدرجة أننى نفسى - كقارىء للكتاب - أحببته ، فالرجل الى حد كبير صورة مشرفة ومشرقة  للانسان العربى ، لكننى أظن أن مصعب بالغ فى وصف محاسن أبيه كمعظم الأولاد والبنات !!


قد يتضح مما سبق وكتبته فى هذا المقال أننى موافق لما فعله مصعب ، وفى الحقيقة أنا موافق له بالثلث كما يقولون ، ربما تعرفون رأيى قريبا ، لكن منعا للأطالة سأنهى هذا المقال الآن ، حتى بدون ان أتى بمقتطفات من كتابنا الذى نقرأه ، لذلك أدعوك عزيزى القارىء أن تقرأه أنت بنفسك بكل حيادية وموضوعية ، هذه الحيادية وهذه الموضوعية ليسا بين المسيحية والاسلام فالكتاب لا يتعرض لهما كثيرا ، لكن بين الجانبين الفلسطينى والاسرائيلى .

FacebookXYouTubeInstagramPinterestTiktokThreads