search
burger-bars
Share

مرّ الأسبوع الماضي عربيّاً في تطوّرات كثيرة وكبيرة. فتونسيّاً، كان الانتباه مركَّزاً على ما يحدث فيها من مظاهرات سُمِّيت "ثورة الياسمين"، التي أطاحت بالحكم.

ومن المفروض أن تؤسِّس "ثورة الياسمين" لمستقبل جديد، يليق بشعب عريق كالشّعب التّونسي.
وعربيّاً أيضاً تابعنا استفتاء السّودان لانفصال جنوبه عن شماله وإعلان نهاية الحرب التي استمرّت لعقود من الزّمن، في حال كانت نتيجة الاستفتاء إيجابيّة بمعنى لصالح الانفصال. وبهذا أيضاً تبدأ مرحلة جديدة في السّودان شمالاً وجنوباً، أتمنّى أن تكون لمصلحة هذا الشّعب الذي لا يزال يعاني من الفقر والحرمان في كثير من الأمور.
ونتابع عربيّاً ما يحدث في لبنان من استقالة لحكومته، والتّحضيرات الجارية لحكومة جديدة. يَعِدُ فيها كلّ فريق يطمح لاستلام السّلطة أن تكون الفترة المقبلة هي فترة مليئة بالازدهار والسّلام والعدالة للشّعب اللّبناني.
لكن وبعيداً عن العالم العربي وكلّ ما يدور فيه، حدث أمر صغير جدّاً في أستراليا البعيدة جدّاً عنّا جغرافيّاً. والتي تشهد حتّى الآن فيضانات كبيرة راح ضحيّتها العشرات. وقد استوقفني خبر واحد من أخبار الفيضانات وهو قصّة إنقاذ عائلة "رايس"، فبينما كانت الأمّ تقود سيّارتها هرباً مع ولديها (جوردن 13 سنة، وبالاك 8 سنوات) من الفيضان الجارف، لم تنجح في مهمّتها، بل جرفتها المياه في تيّار قوي. كانت إحدى فرق الإنقاذ قريبةً من المكان، وشاهدت السّيّارة. فتبعتها، واستغلّت فرصة توقّف السّيّارة مصطدمةً بشيء ما، فعملت على إرسال شخص مربوط بحبل لينقذ من في السّيّارة (الأم والولدين)، وعندما وصل المنقذ أمسك بيد جوردن 13 سنة محاولاً أن يجذبه إلى الأعلى ليربطه معه بالحبل وينقذه ومن ثمّ يعود لإنقاذ من تبقّى. لكن جوردن رفض الذّهاب مع المنقذ وقال له: "أرجوك خذ أخي!!". فما كان من المنقذ إلّا أن أخذ بالاك 8 سنوات وقاده إلى مكان آمن. وبينما كان المنقذ يهمّ بالعودة مرّة ثانية إلى السّيّارة لينقذ جوردن وأمّه، تحرّكت السّيّارة من مكانها بفعل تيّار المياه القوي، وانحدرت بسرعة كبيرة. ومنذ تلك اللّحظة اعتُبر جوردن وأمّه في عداد الموتى. لكن بالاك نجا بفضل أخيه جوردن.
يا لها من قصّة مؤثّرة، وفكّرت في نفسي أيّة حياة يجب أن يحياها بالاك، كي يُثبت لأخيه أنّ تضحيته لم تذهب سُدىً. من وجهة نظري جوردن كان مثالاً للعطاء والحبّ وتقديم مصلحة الآخر على نفسه، مع أنّه صغير في السّنّ. فهل سيكون بالاك مقدِّراً لهذه العطيّة المجّانيّة التي منحها له أخيه؟
أفكّر أيضاً بوضع كلّ مسيحي مؤمن بالمسيح، فأيّة حياة يعيشها المؤمن بالمسيح بعد أن وهبنا الرّبّ يسوع حياته وضحّى بنفسه لأجلنا؟ هل نقدّر فعلاً كتلاميذ للمسيح، العطيّة العظمى التي أعطانا إيّاها؟ كلّ واحد منّا يعرف نفسه.
تقول كلمة الله: "مع المسيح صُلبت، فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فيَّ. فما أحياه الآن في الجسد، فإنّما أحياة في الإيمان، إيمان ابن الله، الذي أحبّني وأسلم نفسه لأجلي" (غلاطية 2: 20 و21).

 

مدوّنات - blogs