search
burger-bars
Share

أصدقائي يسخرون منّي   لقد فاض الكيل بي، فقرّرت أن أكتب لك راجياً أن أجد المعونة في ردّك عليّ مثلما استفدت من آرائك وردودك وتعليقاتك على مُشكلات الآخرين.

أنا شاب في السّادسة عشرة من عُمري، نشأت وحيداً لأبوين، هما لا يتشاجران إلّا قليلاً، لكنّهما أصلاً كلّ منهما مشغول بحياته، والعلاقات الاجتماعيّة بينهما وفي حياتنا عُموماً محدودة وقليلة حتّى على مُستوى الأسرة! ممّا جعلني تلقائيّاً أجلس وحيداً لأوقات طويلة، أحبّ القراءة وتستغرق كلّ وقت فراغي القليل.

أنا ليس لي طموحات ولا أجد لي أصدقاء في الدّنيا ولمّا حاولت الاقتراب من زملاء لي في الدّراسة، وجدت أنّ الموضوع أصعب ممّا كنت أتصوّر! أنا بطبعي جادّ جدّاً وآخذ كلّ الأمور باهتمام وأصدّق كلّ من حولي، لكنّي اكتشفت أنّ طباعي هذه لا تصلح أبداً مع شباب هذه الأيّام الذين أشعر أنّهم سطحيّون ويكذبون كثيراَ كما أنّهم لا يُمكنهم تحمُّل المسؤوليّة!

أصدقائي، أو بمعني أدقّ، من حاولت أن أتّخذهم أصدقاء لي، لا حديث لهم إلّا عن العلاقات مع البنات والمغامرات العاطفيّة المُلتهبة، والنّكات التي في معظمها مُبتذلة، وأنا وإن كنت أعترف أنّني لست مُتديّناً لدرجة كبيرة، إلّا أنّ أخلاقي على أيّ حال لا تجعلني أقبل أن أنخرط في أحاديث ومواقف كهذه، ممّا يجعلهم دوماً ينبذونني ويبتعدون عنّي ويتجنّبون صُحبتي، بل والأكثر أنّهم يعتبرونني شابّ (خام)، كما يحلو لهم مُخاطبتي ممّا يجرحني جدّاً، باعتباري لست خبيراً مثلهم في مثل هذه الأمور البذيئة التي تشغل كلّ أمور حياتهم!. وهم في سخريتهم منّي يزيدون جراحي جرحاً وألماً، بل ولقد بدؤوا يتهامسون عليّ ويتجنّبون صداقتي لأجد نفسي أعود وحيداً من جديد! لقد سئمت وحدتي، وضعفت مُقاومتي، قل لي: هل لا بدّ لي أن أتنازل عن مبادئي وأخلاقي لأجاريهم فيما هم يعملونه ويقولونه حتّى أكسب ودّهم وصداقتهم، أم أظلّ كما أنا هكذا وأنا لست أطيق الوحدة؟!.

أرجوك، أحتاج مشورتك فساعدني ولا تتأخّر في ردّك عليّ لأنّي تعبت جدّاً.

أخوك

البائس المصدوم الوحيد

الأخ العزيز البائس،

إنّ البؤس يا صديقي هو اتّجاه نتبنّاه فيصير في حياتنا واقعاً، وأنا لا أريدك أن تكون هكذا!.

مشكلتك مشكلة شائعة لمَن هُم في مثل سنّك، وهي تتكوّن من جزئين اشتركا معاً في صُنع هذه الأزمة. أوّلهما برودة الجوّ الأُسَري وضعف العلاقات، وثانيهما ضغط مجموعة الشّباب المُحيطين بك والذين يضعونك بين اختيارين كلاهما صعب، فإمّا أن تُجاريهم أو ينبذوك. يُضاف لذلك أيضاً كونك وحيد والدَيك، الأمر الذي يلعب هو الآخر دوراً مُؤثِّراً فيما أنت فيه.

أنصحك بأكثر من أمر في نقاط مُحدّدة كما يلي:

· لا تتعامل مع نفسك على أنّك مريض أو شاذّ، فأنت طبيعي وهذه مُشكلة عارضة سيُمكنك بالصّبر والتّأقلُم وبعض التّغيير، بعد معونة الله، التّغلُّب عليها.

· كُن نَفْسك. بمعنى أنّه ليس عليك أن تُجاريهم من ناحية، ولا أن تمتنع عن محادثتهم نهائيّاً من النّاحية الأُخرى، إنّما عبّر بهدوء ولياقة عن رفضك الاشتراك معهم فيما يفعلون من سلبيّات، لكن لا مانع من مُصاحبتهم في بقيّة أمور الحياة، فالحياة يا صديقي ليست فقط أبيض وأسود، بمعنى أنّك لا بدّ أن تختلط بالنّاس لكن بالطّريقة التي تُناسبك.

· إن هُم أخطأوا، لا تُعنّفهم ولا تدينهم، لكن نبّههم برفق ووداعة أنّه لا فائدة ممّا يعملون. وتأكّد أنّهم مع الوقت سيحترمونك ويُقدّرونك.

· كُن صديقاً مُخلصاً ووفيّاً وقريباً منهم، أحببهم واخْدِمهم واسْعَ قدر طاقتك لمُساعدتهم. كذلك، إسْعَ أيضاً لأن تجذبهم شيئاً فشيئاً لأنشطة إيجابيّة ومُفيدة تستبدل بها خبراتهم وأحاديثهم التي لا تليق.

· أنا أعتقد أنّك تحتاج أن تقترب من الله أكثر، فهو سيُعينك لتكون حياتك رائعة وشبعانة. كذلك اتّخذ لك أصدقاء يعرفون الله ويريدون أن يتبعوه، فستجد بأنّ الأمر سارَ أكثر يُسراً وسهولة.

والرّبّ يُباركك

وإذا كنت تريد المساعدة أخي القارئ يمكنك التّواصل معنا مباشرة (من هنا)

FacebookXYouTubeInstagramPinterestTiktokThreads