search
burger-bars
Share

منذ عامين تقريباً، كنت أجلس خلف مكتبي أقوم بعملي اليومي، وإذ برسالة إلكترونيّة تأتيني من صديق. يقول صديقي في رسالته: "أدعوك يا خليل كي تكون صديقاً لي في صفحتي الخاصّة في هذا الموقع،

وهناك ستجد العديد من الصّور الحديثة والأخبار عنّي وعن عائلتي وعن آخرين أيضاً". ولأنّني أحترم هذا الشّخص وأقدّره قبلت دعوته. لكن الموقع الذي ذكره لي صديقي طلب منّي أن أُُدخل معلوماتي الشّخصيّة وأن أفتح صفحة بإسمي الشّخصي كي أستطيع التّواصل مع صديقي عبر الموقع المذكور. فمن دون تردّد ومرّة أخرى احتراماً للصّداقة التي تجمعني بصاحب الدّعوة، أدخلت إسمي وسجّلت نفسي وتلقائيّاً أصحبت صديقاً على قائمة الأصدقاء الخاصّة بمن دعاني.
ربّما عرفت عزيزي القارئ أنّني أتكلّم عن الفيسبوك Facebook. وفي اليوم التّالي وجدت أكثر من 10 رسائل من أناس أعرف بعضهم وبعضهم الآخر لا أعرفه يطلبون منّي أن نصبح أصدقاء في الفيسبوك. فدخلت بكلّ طيبة خاطر وقبلت عرض الأشخاص الذين أعرفهم، ورفضت عرض من لا أعرفه. خلال أسبوع واحد فقط أصبح لديّ أكثر من 50 صديقاً، كيف عرفوا بوجودي وكيف تصلني الدّعوات لا أعرف. وبدأ الفيسبوك يأخذ حيّزاً كبيراً من وقتي، إذ أنّني أتلقّى دعوات كثيرة عبر البريد الإلكتروني من أشخاص لا أستطيع أن أرفض دعوتهم، وبدأت الصّور والأخبار تلفت إنتباهي أكثر وأكثر. وبدأت أُهمل عملي شيئاً فشيئاً.
عندها أحسست بأنّني فقدت السّيطرة على نفسي وعلى صفحتي في الفايس بوك، إذ كثيرين يدخلون ويضعون تعليقات على الجدار wall الخاص بي مثل: خليل أين أنت، لم نرك منذ مدّة - مرحباً بك يا خليل في عالم الفايسبوك – شاهد هذا الفيلم يا خليل، لن يأخذ من وقتك أكثر من 5 دقائق – خليل هذا الرّابط سوف يعجبك كثيراً. والخمس دقائق أصبحت عشرة، والعشرة أصبحوا عشرين، وهكذا. يا لها من ورطة وقعت فيها. والمشكلة الأكبر أنّني فكّرت في إلغاء حسابي في الفايسبوك، لكنّني لم أعرف كيف أقوم بذلك.
اليوم وبعد مرور عامين على وجودي في الفايسبوك، لم أعد أعتبره ورطة، لأنّني تعلّمت كيف أسيطر على نفسي وعلى وقتي، ومتى أدخل ومن أقبل دعوته وكيف. واليوم الفايسبوك يضعني مباشرة في علاقة متواصلة مع أخي في أوروبا، ومع إبنة عمّي وصديقي في أمريكا، ومع صديقة زوجتي في كندا، ومع أخوة من كنيستنا هاجروا إلى أستراليا، وإنكلترا، ومع أصدقاء في العراق وسوريا ومصر والأردن ولبنان.
هل أخطأت إذ دخلت الفايسبوك؟ لو سألتني هذا السّؤال في شهر 3 من عام 2008 لكان جوابي، إنّها من أكبر الأخطاء التي قمت بها في حياتي. لكن اليوم ونحن على أعتاب نهاية عام 2010، أجيب بطريقة أخرى، الفايسبوك هو نقمة لمن لا يستطيع أن يسيطر عليه، وهو وسيلة للتّواصل لمن يُحسن تحديد خياراته ويتحكّم بإرادته. وهذا يذكّرني بآية تنطبق تماماً على وضعي مع الفايسبوك، قالها الرّسول بولس (بالطّبع لم يكُن الرّسول بولس على دراية بالفايسبوك وقتها، لكنّه قالها كي ننتفع منها في كلّ زمان وفي كلّ مكان وفي كلّ مجال): "كلّ الأشياء تحلّ لي، لكن ليس كلّ الأشياء توافق. كلّ الأشياء تحلّ لي، لكن لا يتسلّط عليَّ شيء" (1 كورنثوس 6: 12)
لقد تعلّمت ألّا أضع نفسي تحت سلطة الفايسبوك، بل أَسُود أنا عليه.
فما هو موقفك أنت من الفايسبوك؟
خليل إبراهيم
ملاحظة: زوجتي حتّى اليوم ترفض أن تدخل الفايسبوك أو أن تشارك به، لأنّها تعتبره ورطة وللوقت مضيعة.

مدوّنات - blogs