search
burger-bars
Share

التمردكان ـ ولا يزال ـ هو الباب الأوّل للسّقوط. هو لا يقود فقط إلى السّقوط والانحدار والانحراف،

بل كثيراً ما يقود إلى الجريمة!.


• ما هو التمرُّد؟
التّمرُّد هو رفض الرّأي الآخَر. وهو رفض السُّلطة وإن اختلفت صورتها أو شكلها. كما أنّه قد يكون أحياناً رفضاً للنُّظم والقوانين والأعراف المَرعيّة والمعمول بها والمُتّفق عليها. وهو يُمثّل أيضاً نوعاً من الغضب المكبوت أو الرّفض لأسلوب حياة مُعيّن، بادّعاء الرّغبة في الحُريّة أو التّعبير عن النَّفْس أو تحقيق الذّات.

• من أين انطلقت الشّرارة الأولى وما هو مصدرها؟
إنّ البذرة الأولى للتّمرُّد في حياة الإنسان، إنّما هي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بكبرياء الإنسان. فالكبرياء هو الخطيّة الأولى التي أسقطت الإنسان في الخطيّة، والتّمرُّد هو الثّمرة الأولى والمُباشَرة لبذرة التّكبُّر هذه. فكبرياء الإنسان يقوده لأن يظنّ أنّه الأحسن وأنّه الأفضل، وأنّه الأكثر دراية وعلماً ومعرفة، وأنّه يفعل الصّواب دوماً دون أيّ إنسان سواه (بل ومرّات يصل به الأمر ليظنّ أنّه الصّواب نفسه). ونحن نعلم جميعاً كيف أنّ الحيّة القديمة إبليس نجحت في خداع حوّاء، بإقناعها أنّ الله لا يريدها هي وآدم أن يأكلا من شجرة الثّمرة المحرّمة، لأنّ الله لا يريدهما أن يكونا عالمَين وعظيمَين مثله، ممّا جعل حوّاء ومعها آدم، يتمرّدان بشكل واضح وحاسم على الله ووصاياه، ومن ثمّ يكسران وصيّته، فيقعان في الخطيّة، ومن ورائهما الجنس البشريّ بجملته.


• ما هي أسباب التّذمُّر أو التّمرُّد؟
لقد تحدّثنا فيما مضى عن السّبب الرّئيسي الكامن وراء التّمرُّد ألا وهو الكبرياء. لكن يوجد أيضاً عوامل كثيرة، يُمكن أن تلعب دوراً مُؤثّراً في اتّجاه تولُّد التمرُّد وإذكائه (اشتعاله في حياة الإنسان)، كالشّعور بالإحباط أو الظُلم وعدم العدالة أو المُساواة، هذه كلّها قد تدفع الإنسان إلى التمرُّد. وبالتّبعيّة، فإن الإدارة أو المُؤسّسة الفاسدة التي لا تُراعي حقوق عُمّالها، يُمكن أن تجعل الموظّفين أو العُمّال لديها يُعبّرون عن رفضهم لذلك، بصُوَر وأشكال مُختلفة للتّمرُّد، مثل تلك التي نراها في هذه الأيّام، كالإضرابات عن العمل أو التّظاهرات. وقد يصل الأمر أحياناً لاتّخاذ مواقف عدائيّة ومُخرِّبة، كنوع من التّحدّي ورفض السّلطة وكتعبير عن تمرُّدهم ورفضهم للخضوع!. ولا يُمكن أن ننسى هنا أنّ عدم وجود المحبّة أصلاً في القلوب، يجعل أمر التّمرُّد أسهل وأكثر قابليّة للحدوث.



هُناك بُعد آخر يُمكن أن يكون إيجابيّاً عند الحديث عن التّمرُّد، ألا وهو التمرُّد الإيجابي. فنحن حين نتمرّد على ضعفاتنا أو على نقائصنا وخطايانا أو أَوجُه القصور في حياتنا، فإنّ هذا التّمرُّد ـ من دون أدنى شكّ ـ يكون تمرُّداً إيجابيّاً بل ومحموداً أيضاً. كذلك فإنّ تمرُّدي على مُستواي التّعليمي أو الثّقافي أو ...، يُمكن أيضاً أن يدفعني للأمام، لتغيير حالتي ورفض مُستواي، ممّا يعمل عندي عمليّة استنفار وحثّ لأنتقل إلى حالة أفضل وهكذا.


• ماهي نتائج العصيان أو التّمرُّد السّلبي؟
يجعلنا التّمرُّد نخسر أموراً كثيرة على مستويات عِدّة، كما قد يجعلنا نخسر علاقات كثيرة قد يصعب علينا تعويضها فيما بعد. فبذرة التّمرُّد حينما توجد في قلب الإنسان تجعله يفقد هدوءه وسلامه الدّاخلي، كما أنّها تجعله عُرضة للإحباط والاستسلام للمشاعر السّلبيّة، من يأس وشفقة على الذّات وتشاؤم وفُقدان الأمل والرّجاء في الحياة. كذلك وممّا لا شكّ فيه أنّ التّمرُّد يكسر علاقات نافعة وجيّدة كثيرة، ممّا يُصعّب المُشكلة أكثر، ويُعقّد الحياة أكثر!.


• التّمرُّد على الله!
وهو يُعتَبر أسوأ وأبشع صُوَر التّمرُّد. فيه يكون الإنسان كأنّه يقول لله أُبعد عنّي وبمعرفة طُرقك لا أُسَرّ. فتجد هذا الإنسان كالخَيل الجامح بلا رابط ولا حاجز، يعمل ما يحلو له ظنّاً منه أنّ هذه هي الحُريّة الحقيقيّة، غير مُدرك أنّ البُعد عن الله هو في ذاته قمّة العُبوديّة والتّعب!. وكم من أُناس يعيشون حياتهم طولاً وعرضاً دون أن يُرحّبوا بالله فيها، وياله من ثمن باهظ يدفعه الإنسان نتيجةً لذلك، إنْ عاجلا أم آجلاً سواء في حياته الأرضيّة أو الأبديّة.


• هل من علاج للتّمرُّد؟
نعم، والأمر يحتاج منّي أن أتحلّى بالصّبر وطُول الأناة. لكنّه يتطلّب أوّلاً أن أتعلّم كيف أخضع لله، حتّى يُدرّبني هو بعدها أن أخضع للآخرين: إقرأ رسالة يعقوب 4: 7. والحقيقة أنّ كلمة الله توصينا أن نخضع للسُّلطات حتّى تلك التي قد نظنّ أنّها غير صحيحة أو غير عادلة!، فالسُّلطات المُعيَّنة هي ـ بشكل أو آخر ـ بحسب مشيئة الله أو هي على أقلّ تقدير بسماح منه!. فلا شيء يحدث على الأرض بدون سماح من الله. يقول الوحي المُقدّس في مراثي إرميا 3: 37. وعندما نسلّم بهذا المنطق فإنّنا لابدّ سنستريح، وسينتهي التّمرُّد من حياتنا ما دُمنا نرى يد الله فيها. لهذا يأمرنا الوحي المُقدّس في رسالة بطرس الأولى 2: 13. وأيضاً في رسالة العبرانيين 13: 17. بل وأكثر من ذلك، فإنّ كلمة الله تُوصينا أن نُصلّي لأجل القادة والرّؤساء والمسؤولين، حتّى نعيش في سلام. يقول الرّسول بولس في رسالته الأولى إلى تيموثاوس 2: 1 - 3.

 والآن هذه هي كلمتي الأخيرة التي أتركها معك اليوم عزيزي القارىء، إخضع لله، واكسر كلّ تمرُّد في حياتك، لتجد الحياة والسّعادة والهدوء وراحة البال. آمين

 

FacebookXYouTubeInstagramPinterestTiktokThreads
دردشة
تم إغلاق هذه الدردشة

تحميل تطبيق "الإيمان والحياة"

Android
iPhone