search
burger-bars
Share

مريض بالشّذوذ   صديقي مُحرّر باب المُشكلات أكتب لك اليوم لأبوح لك بسرّ دفين يحرقني بل ويكاد يقتلني من كتمانه،

فأنا لم ولن أبوح لأحد سواك عنه لأنّها مصيبة، ولأنّني في شديد الغضب والخجل والحيرة بسبب تلك المُصيبة التي أنا فيها ولا أجد فكاكاً منها، ولولا أنّني لا أعرفك وأنت لن تعرفني، ما كنت أظنّ أنّني سأشاركك بهذا السّرّ الدّفين. أنا يا سيّدي مًصاب بالشّذوذ الجنسي!. بدأت القصّة بأنّني أحببت زميلاً لي منذ كنت في المرحلة الإعداديّة كان هو كلّ شيء بالنّسبة لي، كنّا أكثر من أخوين، نخرج ونلعب ونستذكر دروسنا معاً، لم يكن يمرّ يوم علينا دون أن نتقابل. استمرّت علاقتنا لسنوات طويلة وما كان من سبيل أبداً لفصل هذه العلاقة التي أخذت تتوطّد مع الأيّام حتّى صار كسرها مُستحيلاً. ونظراً لأنّنا الآن في سنّ المُراهقة ونظراً لأنّنا تعرّفنا على مجموعة من أصدقاء السّوء، فلقد رأينا وتعلّمنا معاً الكثير من الموبقات التي نجّست حياتنا، وصار الخلاص منها يبدو مُستحيلاً. لكن كلّ الأمور في كفّة، وهذا الأمر في كفّة أُخرى!، لقد تحدّثنا مرّة في اجتماع للشّلّة في أمر كهذا، وكان أحد الموجودين يتحدّث عن أنّ أمراً كهذا إنّما هو يُمثّل تنفيساً طبيعيّاً للضّغوط الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي نحيا فيها نحن كشباب في هذه الأيّام، فضلاً عن أنّه أكثر أمناً ولا يُمكن مُلاحظته من جهة المُجتمع الذي نعيش فيه. أثق أنّك تفهمني جيّداً!!. لم يكُن الدّرس الذي تعلّمناه وقتها من هذه المُناقشة العرضيّة الغرض منه هو تشجيعنا على هذه المُمارسة الحقيرة، إنّما كان مُجرّد كلام من الأحاديث التي يملأ بها الشّباب وقتهم، لكنّنا في ساعة شيطان كما يقولون لم نُكذّب خبراً أنا وصديقي هذا ودون اتّفاق منّا إذا بنا نندفع سهواً لأمر كهذا. بدأ الأمر بيننا كنوع من التّهريج ثمّ إذا بنا دون أن ندري خطورة ما نعمله، وجدنا أنفسنا نستمتع به ونتمادى فيه. نعم لقد بدأنا نشعر بالاحتقار الشّديد لذواتنا ولبعضنا البعض بعدها، وكم بكينا معاً وقرّرنا أن نتوقّف عن مثل هذا السّلوك المُشين!، بل وقرّرنا أن نبتعد عن بعضنا لفترة حتّى يُمكننا أن نتوقّف عن هذا الأمر الفظيع، لكنّنا سرعان ما كُنّا نكسر عهودنا ووعودنا ونعود من جديد للشّيء نفسه كأنّنا مأسورين أو مُغيّبين عن الوعي. أنا كُنت مُتديّناً لحدٍّ ما وأعرف الله ولو سطحيّاً وكانت أخلاقي جيّدة لأنّ أهلي لم يُقصّروا في تربيتي، أمّا الآن، فأنا أكره نفسي بل وأحتقرها جدّاً، وألعن اليوم الذي فيه تعلّمت مثل هذه الأشياء البشعة، وقد استطعت أخيراً أن أقطع علاقتي بهذه الجماعة "الشّلّة" التي كانت سبباً في إفسادي واسترحت لحدّ ما لأمر كهذا لكن المُشكلة تظلّ قائمة!. أنا لا أنام وأخشى من عقاب الله لي في المستقبل هنا على الأرض ثمّ في جهنّم. أخشى على نفسي وعلى صديقي الذي أسأت إليه وأساء إليّ. لقد تغيّرت كثيراً للأسوأ وفقدت ثقتي بنفسي وبدأت طريق الفشل دراسيّاً ولست أعلم ماذا أفعل. أرجوك ارحمني من هذا العذاب وقُل لي ماذا أعمل؟

                                                                                                                          س. ا .ق. ط 

  
أخي العزيز، لا تيأس من رحمة الله. أنا أشكر الله لأنّك استوعبتَ الدّرس أخيراً وأدركتَ خطورة الطّريق الذي تسير فيه. يقولون إنّ أكبر النّار من مُستَصغَر الشَّرَر، وهذا حقيقيّ، وأنتَ أخطأت منذ البداية في انضمامك لمثل هذه الجماعة. تقول كلمة الله المُقدّسة إنّ المُعاشَرات الرّديّة تُفسد الأخلاق الجيّدة، وهذا عَين ما حدث معك. ولو كُنّا نلتفتُ جيّداً لتعاليم الله ووصاياه لكُنّا نجنّب أنفسنا الكثير من مخاطر الطّريق. أنا لا أكتب هذا الآن كي أُؤنِّبك، لكن لكي يرى كلّ أصدقائنا القُرّاء الأعزّاء أيضاً خطورة ما وصلتَ أنتَ إليه، فيتعلّمون ويتّعظون وهذا هو أحد أهداف بابنا هذا. صديقي دعني لا أُخفيك سرّاً، ليس الخلاص من أمرٍ كهذا سهلاً، وأنا أعلم أنّك تعرف ذلك، لكنّي أقول أيضاً إنّه لا يُعَدُّ بالأمر المُستحيل. إنّ الله وقوّة إرادتك يستطيعان أن يعملا معاّ فيُخرجانك ممّا أنت فيه. لذلك فمُبتدأ حديثي معك في البداية لا بُدّ أن ينصبّ على دعوتي لك لقبول المسيح مٌخلّصاً شخصيّاً لحياتك -إنّ أمراً كهذا يحدث في حياتك ببساطة إن أنتَ اعترفتَ بخطيّتك لله وطلبتَ منه بقلبٍ تائب وصادق أن يغفرها لك وأن يمحوها تماماً من حياتك، وإنْ عاهدته ألّا تعود لها ثانيةً أبداً، وإن ْقرّرت أن تحيا من الآن فصاعداً بقيّة أيّام عُمرك لله سامعاً لوصاياه ومُطيعاً لكلمته، إنْ عملتَ هذا فلا بُدّ أنّ الله سيسمع لك وسيُعطيك القُوّة والقُدرة على التّغيير. لقد غيّر المسيح حياة الكثيرين على مرِّ العصور ويُمكنك أنت أيضاً أن تكون واحداً منهم. لن يكون بمقدور الإنسان، أيّ إنسان، أن يُخلِّص نفسه من خطاياها ولا من سُلطانها عليه ولا من نتيجتها ودينونتها، إنّما الله وحده هو القادر أن يُعيننا وأن يعمل هذا في حياتنا. والآن صديقي أُطلب من الله من كلّ قلبك أن يغفر لك وأن يُعطيك القوّة للتّوقُّف. لا أُمانع في أن تُفعِّلا الانعزال عن بعضكما في هذه المرحلة الأولى. إنّ الأمر يحتاج أن تَنسى ـ بتصميم صادق وإرادة ثابتة ـ كلّ ما فات وتعقُد النيّة والعزم أن تتوقّف عن هذا مهما كلّفك الأمر. إنّ لكلّ سلوك اعتيادي ما يُطلِق عليه المُتخصّصون "أعراض الانسحاب"، وهو ألم نفسي وطبيعي مثلما يحدث للمُدمنين، هو في بدايته صعب، لكن لا بُدّ منه حتّى يكون بمقدورك النّصر أخيراً.  كذلك أُشجّعك أيضاً أن تشغل وقتك بما هو مفيد، فمثلاً نمّي المهارات الموجودة عندك، تعرّف على أصدقاء جُدُد يعرفون الله واستبدل بهم شلّتك القديمة، إذهب لبيت الله وداوم على الصّلاة وقراءة الكلمة المُقدّسة، وثق أنّ الله سيعينك حتّى تعبر الأزمة. إنْ كنت من البلاد العربيّة تحديداً، أُكتب لي ويُمكنني أن أساعدك في الوصول لشخص موثوق به ومُتخصّص لمُساعدة من يُعانون من مثل حالتك. والرّبّ معك. 

 

FacebookXYouTubeInstagramPinterestTiktokThreads