search
burger-bars
Share

img title="أنا منحرفة" src="/im" alt="de" width="" height=" align="" border=" hspace=" vspace=" /></a>أ"ا أجلس الآن وحيدة ومتحيّرة في حُجرتي، أتطلّع لأختي الصّغيرة وهي تستذكر دروسها في براءة ووداعة، وأتذكّر أيّام كنت بريئة

ونقيّة مثلها، أخاف ذلك اليوم الذي ستعرف فيه أختها الكبرى على حقيقتها فينهار كلّ شيء!!. أَحبس دموعي بقوّة حتّى لا تخرج منّي فتفضحني، مع أنّني أتمنّى لو أبكي فأستريح من همّي وأتطهّر من جُرمي!!.
أبي مُلازم الفراش منذ فترة طويلة بسبب مرض مُزمن ألَمّ به، كان وما يزال لا يعرف عنّا شيئاً، بسيط بساطة الأطفال ولا يعول لدنياه همّاً. أمّا أُمّي فقد تركتنا ومضت منذ أن كُنّا صغاراً، ضاقت بالحياة معنا بسبب فقر أبي ومرضه، ورحلت ذات يوم بلا عودة، ممّا كسر قلب أبي وزاده مرضاً فوق مرضه. النّاس يُلسنون على أمّي بكلام سيّء ويُهينوننا بكلام جارح ليل نهار.
لمّا وجدت نفسي مسؤولة عن أسرتي اضطررت أن أترك المدرسة وأعمل أيّ عمل يُقابلني، عملت خادمة في البيوت ثمّ جليسة أطفال. كنت أتعب وأكدّ طوال النّهار بلا راحة حتّى تتورّم قدماي شبه الحافيتين، لأوفّر بالكاد لقمة العيش لأبي وأختي، وبعض الأدوية التي لا يستغني أبي عنها. وذات يوم عاكسني شاب كان يركب سيّارة فارهة، عرض عليّ أن أركب معه ليوصلني، ولمّا كُنت مُرهقة جدّاً وافقت، بدا في البداية مُؤدّباً، توقّف واشتري لي طعاماً من محلّ لم أكن أتجرّأ حتّى أن اقترب منه!!، لكنّه بعدها عرض عليّ أن أرافقه لبعض الوقت مُقابل بعض المال يمنحني إيّاه. أغراني حتّى ساقتني قدماي لشقّته وبقيّة القصّة أنت تعرفها!.
المشكلة أنّني اعتدت هذا الأمر وصرت أدمنه، صار المال يجري في يديّ واستطعت أن أُوفّر لأسرتي ما يحتاجونه من ضروريّات بل وأكثر!.
وأنا الآن أريد أن أتوقّف عمّا أنا فيه، لكنّي لا أستطيع!، لا أستطيع أن أترك أبي وإخوتي للجوع والمرض ثانية، لكنّني أعلم أنّ الفضيحة لا بدّ آتية!!، كيف سأتزوّج؟ ماذا ستعمل معي الأيّام؟ هل يُمكن أن أبدأ من جديد؟ هل يُمكن لله أن يُسامحني؟!! أرجوك قل لي ماذا أعمل وكيف أتصرّف؟
                                                                                                                                     الإمضاء
                                                                                                                                    المنحرفة 

أختي العزيزة،
يقولون دوماً إنّ أعظم النّار من مُستصغر الشَّرَر!، ومُعظم اللّاتي انحرفنَ لم يكُنّ يعتقدنَ أبداً أنهنّ يوماً ما سيسِرنَ في هذا الطّريق!!.
لكن القانون الإلهي والمنطقي سيبقى أبداً عبر الأزمان هو هو دون أدنى تغيير أو تحريف. يقول الكتاب المقدّس في سِفر الأمثال: "أَ يأخذ إنسان ناراً في حضنه ولا تحترق ثيابه؟ أو يمشي إنسان على الْجَمر ولا تكتوي رِجلاه؟" (أمثال 6: 28،27). الإجابة بالطّبع لا، بل سيحترق، وستكتوي رجلاه، وهذا هو بالضّبط عينُ ما تُعانين أنت منه!!.
أختي العزيزة، يُمكنك أن تبدأي بداية جديدة، وأن تعرفي طعم الطّهارة والنّقاوة وتختبريهما. لكن للقداسة ثمن كما أنّ للخطيّة أيضاً ثمن. دَعي ما مضى يمضي، واقلِبي صفحة جديدة نظيفة. يتطلّب الأمر منك تصميماً على البداية الجديدة، كما يتطلّب منك أيضاً قطعَ كلّ علاقة قديمة بالشّرّ والرّذيلة، وسيتطلّب منك الأمر أيضاً أن تعودي لتكدّي وتتعبي لتَحصلي على قروشٍ قليلة ربّما لن تسدّ رَمقَ أسرتك!، ويا لها من تحدّيات!. ولا بدّ أن تُصدّقي أنّك يُمكنك فعل ذلك. سيُحاول الفكر الشّرّير والقيود أن يمنعونك عن تصديق ذلك، ولن يكون الطّريق سهلاً بأيّ حال من الأحوال. لكن هذه هي ضريبة من يُريد أن يعيش نقيّاً، وفي المُقابل، عليك أن تثقي أنّ الله يُكرم الذين يُكرمونه ولا يتخلّى عنهم أبداً تحت أيّ ظرف من الظّروف. لذا،
دعيه يقودك ويُقدّس حياتك. اعترفي له بذنوبك السّابقة واطلبي رحمته وغُفرانه، ثقي أنّه لا يُغلق بابه في وجه أيّ طالب له أبداً مهما كان مقدار ما عمله من خطايا وذنوب، لذا أَقبلي إليه ودعيه يقودك نحو البَرَكة والنُّصرة. تعالي إليه كي تستريحي من متاعبك، وكي تصيري لا الحقيرة إلى الأبد، بل الأمينة الجميلة النّقيّة إلى الأبد، آمين.

 توجّهي بالدُّعاء إلى الله:
آه يا رب ... لقد عرفتُ أنّك غافر الذُّنوب
آتي اليك بكلّ ضعفي وعجزي، بكلّ ذنبي وجُرمي
فأنتَ الرّحيم وغافر الذَّنْب
فاقبل توبتي وخلِّصني من وِزري
وأَبعِدني عن الشّرّ ولا ترفضني
فأنا وحيدة وأحتاج إليك قُربي
طهّرني وقدّسني ....
آمين

FacebookXYouTubeInstagramPinterestTiktokThreads