search
burger-bars
Share

feel hungry, and eat his girlfriendكان عنوان الخبر الفظيع الذي طالعتنا به وكالات الأنباء العالميّة في الشّهر الماضي على الشّكل التّالي:

"عازف روك روسي وصديقه يلتهمان فتاة لسدّ جوعهما". وكانت تفاصيل الخبر تقول: "قضت محكمة روسيّة بإدانة وسجن رَجُلَين ارتكبا جريمة قتل فتاة تبلغ من العمر 16 عاماً وطبخاها والتهماها".

أغرى عازف موسيقى الرّوك وشريكه الفتاة بمصاحبتهما إلى شقّة، حيث أغرقاها في الحمّام ثم قاما بطهي جثّتها وأكل لحمها، مُعلّلين ذلك بأنّهُما كانا جائعَين.

عزيزي القارئ لا أُخفي عليك بأنّ وقع هذا الخبر عليّ كان ثقيلاً ومتعباً، خالقاً في ذهني الكثير من الأفكار التي أحبّ أن أشاركك بها: أولاً، ما الذي جرى لعالمنا؟، ألا ترى معي بأنَّ كل ما يدور من حولنا يشهد بأنَّ العالم والكون كلّه وطبائع البشر في كلّ مكان تتغيّر للأسوأ بشكل لا تُخطئه العين.

ثانياً، إن كنا نتحدّث اليوم عن مأساة وجريمة حدثت في بقعة بعيدة عن أرضنا ووطننا، فهل هذا يمنع امتلاء صفحات صحفنا وجرائدنا ووكالات أنبائنا، بأخبار الحوادث من اغتصابات وجرائم قتل وسرقة؟

ناهيك طبعاً عن وكالات الأنباء العالميّة وما تحمله من أخبار حوادث وخطف وقتل جديدة كلّ يوم، حوادث في كلّ مكان دون تمييز أو استثناء، يرتكبها الجاهل والمتعلّم، الفقير والغني، نساء ورجال. فهل هي علامات السّاعة الأخيرة واقتراب نهاية الأيّام؟! 

ضمير مُتعَب:

ما أتعس الإنسان الذي يحاول إراحة ضميره وإيجاد عِلّة ومبرِّر لما يفعل، ويضع المزيد والمزيد من الأعذار والأسباب لأقسى وأشنع الجرائم.

ويا له من خداع باطل للنّفس وما أكثر أولئك الذين يخدعون أنفسهم بأنفسهم!!  

فمهما كان شكل العذر أو المُسكِّن الذي نأخذه لنُقنع به أنفسنا، لا يمكن أن نبرّر أخطاءنا حتى وإن قَبِل النّاس خداعنا لسبب أو لآخر. لا يمكن لنا بأي حال من الأحوال أن نكون بَرَرة ونحن قَتَلة مُلوّثون أمام الله القدّوس الحقّ والعادل، هذا الإله الذي سنقف جميعنا أمامه في يوم الدّينونة، في يوم لا يُمكننا الهرب منه، لنقف ونُحاسَب وفق مقاييسه ومعاييره. 

 محكمة سماوية:

ما هو أقسى حكم يمكن أن تحكم به محكمة أرضيّة تحاول أن تكون عادلة ونزيهة على جريمة قذرة وبشعة كالتي سبق ذكرها؟  هل هو حكم القتل أو الإعدام - في حقّ القاتل- هذا لو كنّا راغبين بالسّير بمنطق الفكر الذي يقول: "من قَتَل يُقتَل ولو بعد حين"، وإن كنّا فعلنا فهل حكمنا هذا كافٍ؟

 ألست معي في أنّ القتل قتل والإعدام قتل؟ والجثّة في كلّ الأحوال لن تشعر بأيّ ألم أو جرح بعد أن تُقتَل حتى ولو سلخت وطبخت وأكلت.

 بمعنى آخر، أنّنا حتّى في تنفيذنا لحكم قاض عادل على من ارتكب جريمة قتل، نمارس نحن أيضاً القتل.

 لكنّنا مع ذلك لا نفتأ نكرّر، بأنّ إعدام أو قتل قاتل ارتكب جُرماً شنيعاً، لا يُمكن أن يتساوى مع قتل بريء لم يقترف أيّ ذنب. فهل القتل الذي لا يعقبه تمثيل بالجثّة وتشويه لها هو أرحم من القتل مع التّمثيل بالجثّة وطهيها وأكلها؟ إنَّه القتل بكلّ المقاييس، القتل قتل سواء أعقبه شيء أم لم يعقبه. إنّه اغتصاب روح، والتّعدّي على حياة إنسان. ومَن منّا لديه الحقّ في اغتصاب روح وسرقة حياة إنسان، أليس من وضعها هو من لديه الحقّ في أخذها؟ فهل نحن أخذنا مكان الله؟ في المُحصّلة النّهائيّة نستطيع القول بأنَّ العدالة الأرضيّة مهما سمت وعلت تبقى نسبيّة وباهتة أمام العدالة السّماويّة. 

 طبق من اللّحوم البشريّة:

من قال بأنّ أكل لحوم البشر، لا يكون إلّا بقتلهم وسلخ جثثهم وطهيها؟

 هناك أكل للحوم البشر أشدّ وأقسى من القتل والسّلخ، ففضح إنسان والتّشهير به والنّميمة عليه وانتقاده، ومُعايرته بفقره أو ضعفه أو وضاعة مكانته أو قلّة حيلته أو إذلاله وأكل حقوقه، كلّ هذا أكل للحوم البشر. لا بل ولعلّي أتجاسر وأقول، بأنّ هذا النّوع من أكل لحوم البشر، يفوق ويعلو، وهو أبشع وأفظع بما لا يُقاس، من أكل لحومهم بشكل فعلي.

فالجثّة بعد أن تُقتَل لن تتألّم ولن تُعاني إن قُطِّعت أو طُهيت - مع اعترافنا ببشاعة الأمر وقسوته - لكن من كسرناهم وآذيناهم وسرقناهم وشوّهنا سمعتهم وتسلّطنا وسيطرنا عليهم بقسوة وجبروت، ستبقى معاناتهم دائمة مع الأيّام  بسببنا وسيموتون في اليوم ألف مرّة وهم على قيد الحياة. وفي ألمهم سيصرخون، وسيصل صراخهم من دون شكّ إلى خالق السّماء والأرض الذي لا ينعس ولا ينام. 

طوبى للرّحماء لأنّهم يُرحَمون:
في الكتاب المقدّس، يتحدّث الرّبّ يسوع المسيح عن أولئك الذين يقتلون نفس الإنسان فيقول في إنجيل البشير متّى 10: 28. فقتل الجسد في نظر الرّبّ يسوع المسيح وإن كان لا يُستهان به، إلّا أنّه لا يُخيف بقدر قتل النّفس، والنّميمة والتّشهير بالآخرين قتل للنّفس وإعدام للكرامة.


إنّه يدعونا إلى الرّحمة والرّأفة على الآخرين وعلى أنفسنا، فيقول في عظته الشّهيرة على الجبل في إنجيل البشير متّى 5: 7. لذا وخلاصة القول، هو أن نكون رُحماء مُتصالحين مع إلهنا ومع أنفسنا ومع بعضنا البعض، لنغفر ونُسامح كي نتمتّع بالغفران الذي منحه لنا الله، ولنتوقّف عن أكل لحوم البشر. 

هل تريد أن ترسل لنا سؤالاً؟ اضغط هنا

إذا كان لديك عزيزي القارىء أيّة مشكلة تحبّ أن تشاركنا بها، وتحبّ أن نصلّي لأجلك .. اتّصل بنا 

FacebookXYouTubeInstagramPinterestTiktokThreads
دردشة
تم إغلاق هذه الدردشة

تحميل تطبيق "الإيمان والحياة"

Android
iPhone