search
burger-bars
Share

الأرق .. عندما يصبح النوم بعيد المنال"مش عارف أنام يا دكتور .. باتقلّب في السّرير ومفيش نوم"،

"نفسي تفكيري يقف واعرف أنام .. مفيش زرار أدوس عليه علشان أنام؟؟!"، "من الفجر ألاقي نفسي صاحي ومش عارف أكمّل نوم". هذه الجُمَل وغيرها تتردّد على ألسنة الكثيرين من مرتادي العيادات النّفسيّة، وهي شكوى شائعة عند غيرهم ممّن يحاولون علاج المشكلة بأنفسهم دون اللّجوء للمتخصّصين في هذا الأمر.

إنّ الأرق هو عبارة عن صعوبة البدء في النّوم أو الاستمرار فيه أو انخفاض جودته (عدم الحصول على نوم مريح)، ممّا يضرّ بصحّة المريض النّفسيّة والجسديّة، وقد يحدث بسبب أمراض عضوية مثل الإصابات بالجهاز العصبي المركزي، أو حالات توقّف التّنفّس أثناء النّوم أو بعض الأمراض المعدية أو السّرطانيّة، أو نتيجة تعاطي المخدّرات أو أثناء انسحابها من الجسم.
أنواع الأرق: سنذكر نوعين،
  

الأرق الأوّلي: يشكو الشّخص من قلّة النوم أو من مغادرته سريعاً، تاركاً إيّاه يتقلّب في السّرير محاولاً إحضاره دون جدوى. وبدلاً من أن يكون السّرير مرتبطاً بعمليّة النّوم، يصبح مرتبطاً بهروب النّوم والمعاناة من الأرق، فيما يُعرف بالارتباط الشّرطي السّلبي. وتستمرّ هذه الحالة لمدّة لا تقلّ عن شهر بدون أيّ سبب عضوي أو نفسي معروف.


 الأرق النّاتج عن الاضطرابات النّفسيّة والبيئيّة: يمثّل النّوم بالنّسبة لهذا المريض همّاً ثقيلاً، فعند مجرّد التّفكير في النّوم يشعر بالقلق من احتمال عدم الحصول عليه. كما أنّ الدّخول لغرفة النّوم ورؤية السّرير كفيلان بطرد أيّ نعاس لديه (الارتباط الشّرطي السّلبي). ويحاول جاهداً أن يستحضر النّوم لديه، فإذا به يفاجأ وكأنّه في سباق، فيأبى عقله أن يتوقّف، وتتزايد معدّلات التّنفّس وضربات القلب حتّى أنّه يكاد يسمعها، ويشعر بعضلات جسمه وكأنّها تنقبض. فييأس وينهض من سريره مهزوماً محاولاً البحث عن أيّ شيء يفعله بخلاف النّوم، كأن يقرأ كتاباً أو يجلس في غرفة أخرى، فيجد – في بعض الحالات – أنّ النّعاس غلبه ونام وهو جالس!!.

أسبابه: القلق والتّوتّر (يرتبط بصعوبة البدء في النّوم) - الاكتئاب (يرتبط بالاستيقاظ المبكّر) - التّغييرات البيئيّة - اضطراب السّاعة البيولوجيّة للنّوم (التّعوّد على النّوم والاستيقاظ متأخّراً، وفارق التّوقيت بين البلدان، وفترات العمل الليليّة) - اضطراب الكَرب التّالي للصّدمة (حالات نفسيّة تنشأ عن الصّدمات مثل الحوادث والكوارث).

كيف نتعامل مع الأرق؟
   هناك معلومة هامّة وهي أنّ النّوم هو عمليّة فيسيولوجيّة لا دخل لإرادة الإنسان بها، فأنت تستطيع تحديد موعد استيقاظك، ولكنّك لا تستطيع تحديد موعد نومك.
1- إجراءات عامّة:
     أ- استيقظ في الموعد نفسه يوميّاً.
    ب- تجنّب شرب المنبّهات مساءً (كالشّاي والقهوة).
    ج- تجنّب القيلولة أثناء النّهار.
    د – مارس التّمرينات الرّياضيّة خلال النّهار.
    هـ- امتنِع عن مطالعة كلّ ما من شأنه أن يحرّض الخيال، أو مشاهدة برنامج تلفزيوني مثير.
     و- خذ حمّاماً ساخناً قبل موعد النّوم.
     ز- تجنّب تناول الوجبات الثّقيلة عند اقتراب موعد النّوم.
     ح- تدرّب على أساليب الاسترخاء.


 2- كسر الارتباط الشّرطي السّلبي: طلب أحد الأطبّاء من مريضه أن يفعل شيئاً غريباً، وهو أن يذهب للسّرير في موعد النّوم ويبقى مستيقظاً لا ينام ويجتهد أن يظلّ هكذا حتّى الصّباح، وبهذا يكون قد نجح في الامتحان. وكانت النّتيجة أنّ هذا المريض رسب في الامتحان لأنّه سقط في النّوم أثناء محاولته البقاء مستيقظاً. هذا ما نقصده بكسر الارتباط الشّرطي السّلبي.


3- يُنصح بعدم استعمال السّرير إلّا للنّوم فقط، وإذا ظلّ المريض مستيقظًا لأكثر من 5 دقائق، عليه مغادرة السّرير إلى مكان آخر وعمل شيء مختلف (كالقراءة أو سماع موسيقى هادئة). أيضاً تغيير مكان النّوم قد يُجدي نفعاً عند البعض.


4- يُنصح بعدم استعمال الأدوية المنوّمة بدون استشارة الطّبيب، لأنّها ستقود للإدمان عند الكثيرين الذين لا يستطيعون النّوم بعد ذلك بدون هذه العقاقير، وبدون الزّيادة المطّردة في جرعتها.


5- في حالة الأرق النّاتج عن الاضطرابات النّفسيّة والبيئيّة، فإنّ التّشخيص والعلاج لسبب الأرق، يؤدّي تلقائيّاً لاختفائه.

 إذا كان لديك من المخاوف والاضطرابات ما يمنعك من النّوم ويزيد من الأرق لديك، تذكّر أنّ هذا ما حدث مع داود النّبي عندما مرّ بظروف عصيبة كانت كفيلة بأن تطرد النّوم من عينيه، حيث قال في سفر المزامير (الزبور) الأصحاح 4: 8
”بسلامة أضطجع بل أيضاً أنام لأنك أنت يا رب منفرداً في طمأنينة تُسكّنني“. فالقرب من الله والثّقة فيه وفي قدراته و سلطانه يساعدان الإنسان في ظلّ الظّروف الصّعبة التي يمرّ بها.

 

FacebookXYouTubeInstagramPinterestTiktokThreads