"هل تعاني من البدانة؟ لا تحتار ... الحلّ عنّدنا".
"هل تريد تخفيض وزنك والشّعور بالرّضى عن مظهرك الخارجي؟ إذاً أنت في المكان المناسب".
هذه وغيرها الكثير من الشِّعارات المُغرِية التي يستخدمها مُروِّجو المنتَجات المُنحِّفة. والسّبب الوحيد هو مدى أهميّة هذا الموضوع لأفراد المجتمع، فقلَّما تجد شخصاً لا يُحبّ أن ينظر إلى نفسه في المرآة و يُعجِبُه ما يراه. إلّا أنّ الواقع يُظهِرُ معاناة أخرى.
ولكي نستطيع أن نعالج هذه المشكلة علينا تعريفها ثمّ عرض أسبابها.
البدانة والوزن الزّائد:
يمكننا اعتبار أنّ الشّخص يُعاني من الوزن الزّائد عندما يكون "معدّل الدّهن في الجسم يفوق المعدّل الصّحي المقبول". أمّا البدانة فهي "حين يتراكم هذا الشّحم والدّهن بحيث يُشكّل خطراً على صحّة الإنسان"، حتّى أنّ هناك من يلجأ لجراحات السّمنة مثل تكميم المعدة أو تحويل المسار لحلّ هذه المشكلة.
ولكن اليوم ما عُدنا نهتمّ بالوزن الزّائد أو بالبَدانة كمشكلة صحيّة بل كمشكلة "مظهر خارجي". وبسبب المشاهير الذين يظهرون بأجسادٍ مثاليّة باتَ تعريفنا للوزن المثالي أمراً خياليّاً، لذا من المُهمّ أن نُجيد احتساب وزننا الصّحيح، والطّريقة السّليمة للقيام بذلك هي استخدام هذه المعادَلة التي ينصح بها بعض الأطبّاء:
قياس الطّول – 110= الوزن المُعتدِل والمقبول.
مثلاً لفتاة طولها 167 سنتم يجب أن يُقارِب وزنها 57 كلغ، (167-110 =57).
ولزيادة الوزن و البدانة أسباب: وهي كثيرة ولكن نذكر منها:
• قِلَّة الحَرَكة: بالرّغم من روعة وجود التّقنيّات الحديثة والتّطوُّر في متناول أيدينا إلّا أنّهما أدّيا إلى التّقليل من حَرَكتنا. فالجلوس أمام الحاسوب في العمل لا يُعَدّ حَرَكة وكذلك مشاهدة التِّلفاز للتّسلية لأوقات طويلة، كما هو ركوب السّيّارة بدلاً من المشي حتّى لمسافات قصيرة.
• المزيد من الوجبات السّريعة: فالمطاعم التي تُقدِّم وجبات سريعة أصبحت تُطاردنا وتُغرينا من مجرّد نظرة. ناهيك عن تناول المَقليّات بنسب كبيرة والمشروبات الغازيّة واستخدام السَّمْن والزُّبدة بدلاً من الزّيت في الطّبخ.
• عدم السّيطرة على الإرادة: قد يظنّ البعض أنّهم لا يتمتّعون بالإرادة الكافية للامتناع عن الطّعام حين يتعرّضون لمثل هذه التّجربة، ويكون هذا عُذراً لهم بحيث يسمحون لأنفسهم بالأكل بحجّة أنّهم ليسوا كالباقين "قويِّي الإرادة". ولكن هذه كذبة جيّدة يخدعون بها أنفسهم لأنّ كُلّ إنسان له الإرادة الكافية ليقول "لا"، لكنّها تتطلّب بعض الجهد. فكما تتحكّم أنت بإرادتك في بعض الأمور يمكنك أيضاً التّحكُّم بإرادتك فيما يختصّ بالطّعام.
• السّبب الأخير لاكتساب الوزن الزّائد هو تناول الطّعام بأوقات خاطئة، وهذا أمرٌ مُهمٌّ جدّاً سنتحدّث عنه بعد برهة.
في نهاية المطاف نرى أنّ هذا الوزن الذي يغلِبنا فيما نتصارع معه، يجلب معه أمراضاً كثيرة مثل أمراض القلب وتصلُّب الشّرايين والكولستيرول والسُّكّري، بالإضافة إلى ارتفاع ضغط الدّم والعديد من الأمراض المُزمِنة التي تُودي بحياة الإنسان إلى الموت في حال لم يتنبّه.
فهذه جميعها لا تأتي بالأكل المُنتَظَم بل بِطُرق أكل غير سليمة مطلقاً، وهي ما يصفه الكتاب المقدّس "بالشّراهة" أي الإفراط في الأكل. كما يقول كاتب سِفر الأمثال 23: 2
. لذا وفيما نحن لا نضبط أنفسنا، فإنّنا نسمح للطّعام وعادات الأكل غير الصّحيّة بأن تسيطر علينا وبالتّالي نُستَعبَد لها. والكتاب المقدّس يُحذِّر أيضاً في رسالة بطرس الثانية 2: 19
. أي أنّ الأمر الذي لا تقدر أن تُسيطر عليه بل تخضع له، فإنّك تصبح عبداً له وهو سيّدٌ عليك (فالشّراهة هي التي تتحكّم بك في هذه الحالة).
قد تقول لي: حسناً، بما أنّ الوضع سيّء لهذه الدّرجة فماذا أفعل؟ لقد جرّبتُ جميع أنواع الحِميَات وقصدتُ أكثر من طبيب غذائي، ولم ينفع معي شيء!.
حسناً إذاً إليك الحلّ: لتستخدم طريقة أُخرى فالموضوع يستحقّ العَناء:
• أوّلاً: إن كنت من الأشخاص الذين يلجؤون للطّعام حين يغضبون أو يحزنون أو يفرحون أو حتّى حين يشعرون بالملل، أوقف هذه العادة!. هذه خطوة كبيرة ومفيدة جدّاً. فمثلاً إن شعرت وأنت تشاهد التّلفاز أنّه لا بُدّ لك أن تتناول شيئاً، فإمّا أن تُسكِت هذا الشّعور عن طريق شُرب الماء، أو بإمكانك اللّجوء إلى مشروبات ساخنة كالزّهورات أو الشّاي الأخضر (والمُفضّل أن يكون بلا سُكّر أو مع سكّر قليل)، تذكّر أنّه مجرّد تسلية. يمكن تناول الفُشار غير المَقلي بالزّيت (مع "القليل" من الملح)، كما يمكنك تناول الخِيار والخسّ والملفوف والتّرمس والقرنبيط النيّء وإلخ من الخضراوات التي لا تحتوي الكثير من السُّكّر.
• ثانياً: لا تحاول أبداً الانتقام من جسدك عن طريق تفويت بعض الوجبات أو تجويع نفسك. فجسدك أذكى ممّا تعتقد. وإن لجأتَ إلى هذه الطّريقة سيضطّر جسدك إلى حفظ الدّهون كي يستهلكها حين تنقطع عن الطّعام. وبالتّالي أنت لا تخسر الوزن في هذه الطّريقة وحتّى الكيلوغرامات التي تخسرها ستكون معرّضاً لاسترجاعها في وقت قليل جدّاً، عدا عن المخاطر التي تُعرِّض جسدك لها بهذه الطّريقة لينتهي بك المطاف بأمراض ومشاكل صحيّة أنت في غنى عنها.
• ثالثاً: الحِمية الصّحيّة هي الحِمية التي تشمل جميع أنواع الأطعمة (طبعاً من المُفضَّل الاستغناء عن السَّمْن والشُّحوم واستبدالها بالزّيت). الهدف هو الحصول على كُلّ المعادن والفيتامينات التي يحتاجها جسدك بكميّات معقولة وبشكل مُنتَظَم. كيف؟ كُلْ ثلاث وجبات أساسيّة في اليوم دون أن تفوِّت أيّ منها على أن تكون بمعدّل:
o 30 % الفطور
o 40 % الغداء
o 20 % العشاء
o 10 % فاكهة بين الوجبات (بمعدَّل 3 أنواع فاكهة في النّهار).
إن كنت من مُحبّي الشّوكولاتة والحلويّات، فإنّ هذا لن يضطرّك إلى الانقطاع عنها بل يمكنك تناول مقدار قليل منها ضمن الوجبة الصّباحيّة، وهكذا تتخلّص من أضرارها خلال النّهار.
والأمر المُهمّ فيما يختصّ بالعشاء، هو تحديد وقت فيه تأكل وتكون تلك وجبتك الأخيرة لهذا اليوم فلا تعود تأكل أيّ شيء بعد ذلك.
لا تقسو على نفسك إن شعرت أنّ النّتائج غير سريعة، وأعطِ جسدك وقتاً ليتأقلم مع التّغيير الحاصل. تذكّر أن كُلّ جسد يختلف عن الآخَر والطُّرُق التي قد تفيدك لتخسر الوزن ربّما لن تكون ذات إفادة لغيرك.
لقد اتّبعتُ أنا هذا النّظام الغذائي بعد أن ضاق بي الحال من وزني، فخسرت 7 كيلو غرام في وقت قصير دون أن يتأذّى جسدي وجعلت منه نظاماً لحياتي. فهو لا يمنعني عن أكل شيء لكنّه يُنظِّم غذائي ويُشعرني بالرّاحة والرِّضى.
دعنا لا ننسى أهميّة الرّياضة والقيام بالحركة خلال النّهار. فإذا لم تُمكِّنك طبيعة حياتك من الانضمام إلى نادي الرّياضة، إجعل المشي عادة يوميّة بحيث تستبدل استخدام السّيّارة للمسافات القصيرة أو أن تمشي في المراكز التّجاريّة، هذا يجعلك تتسلّى برؤية وجوه النّاس وحرق الدّهون دون أن تشعر (شرط ألّا تأكل شيئاً وأنت تمشي). هذه الحركة تشدُّ العضلات المُرتَخِية في جسدك وتساعد على تخفيف الوزن، والأهمّ من ذلك أنّها تحافظ على سلامة قلبك.
في النّهاية، لا تسمح للطّعام أن يستعبدك بل كُلْ منه حاجتك. وتذكّر أنّك لا تفعل كُلّ هذا من أجل أن تبدو كالآخَرين، أنت لك شخصيّتك المُنفَرِدة وجسدك مختلف أيضاً وجمالك يكمُن في داخلك.
هناك أمر أُردِّده في قلبي لأُعزّي نفسي حين أمتنع عن أَكل شيءٍ مُضِرٍّ في وقتٍ متأخِّر وهو: إنَّ الطّعام لن يهرب، فإن قاومتُه اليوم أستطيع أكله غداً ولن يفوتني!.
موضوعات مشابهة:
- المعدة بيت الدّاء والوقاية خير دواء
- البدانة "السّمنة" (من برنامج شباب عالبال)
- البدانة (من برنامج قيمتي كامرأة - باللّهجة الجزائريّة)