تظلُّ قضيّة الألم هي إحدى القضايا التي شَغَلَت ذهن العلماء والفلاسفة ورجال الدِّين منذ القديم. كما أنّها أرَّقَت الكثيرين من البشر ـ عبر كلّ العصور ـ مع اختلاف ثقافاتهم وخلفيّاتهم وتوجُّهاتهم وفلسفتهم في الحياة..!
نعم، فالإنسان مازال يسأل عندما يُقابله أيّ موقف مُحزِن أو مُؤلِم أو مأساوي، لماذا يسمح الله بالألم والشر وهو الإله المُحبّ الغافر الإثم والصّافح عن الذَّنْب؟ وهل الله هو فعلاً المُتحكّم في كل الأمور؟!
لماذا يسمح الله مثلاً أن يُصاب طفل صغير بمرض فتّاك يقضي عليه؟ لماذا يسمح الله أن تموت أُمّ باذلة ومُضحِّية كالشَّمعة التي تحترق كي تضيء للّذين حولها؟ لماذا، لماذا، لماذا..؟!
إنّ نظرة واحدة منّا على كلّ الذي يجري من حولنا في بقاع كثيرة من العالم، إنّما هو كفيل أن يجعلنا نفكّر ونطرح مثل هذه الأسئلة.
هل الله حقّاً موجود؟ هل الله مازال حقًّا يحبُّ أولئك البشر الذين نراهم يتعذّبون من حولنا في كلّ مكان، إمّا نتيجةً لاضطهاداتٍ أو حروبٍ ليس لهم فيها ذنب، وإمّا نتيجةً لكوارث طبيعيّة مثل تلك التي تحدث كلّ يوم من حولنا وتُعرّفنا بها وسائل الإعلام، مثل ذلك الزلزال الذي حدث في المغرب، أو ذلك الإعصار المدمر الذي حدث في ليبيا..
لا يمكن أن تَحُلَّ بنا المصائب على سبيل الصُّدفة، إذ أنّ كلّ دقائق أمورنا وتفاصيل حياتنا هي بترتيب وسماح إلهي. نعم، قد يسمح الله بأن نجتاز بأمور صعبة أو مؤلمة عندما يرى أنّها تسير في مصلحتنا.. أنا أعلم أنّ هذا الكلام قد يكون غريبًا بالنّسبة لأناسٍ كثيرين منّا، لكنّ كلمة الرّبّ المُقدّسة تُرينا أحداثًا وتُقدّم لنا تعاليمًا تؤيّد هذه النّظرية تمام التّأييد، فيوسف الصِّدّيق الذي حَسَدَه أخوته ورموه في البئر حقدًا وكرهًا ثمّ باعوه عبدًا، ثمّ افتَرَت عليه زوجة فوطيفار لأنّه رفض أن يخطئ معها، فكانت النّتيجة أن زُجّ به في السّجن ظُلمًا وبُهتانًا، يقول الوحي المُقدّس إنّ يوسف هذا عندما وَجدَ إخوته في نهاية المشوار قال لهم كما هو مذكور في سِفر التّكوين 50: 20. "أَنْتُمْ قَصَدْتُمْ لِي شَرًّا، أَمَّا اللهُ فَقَصَدَ بِهِ خَيْرًا، لِكَيْ يَفْعَلَ كَمَا الْيَوْمَ، لِيُحْيِيَ شَعْبًا كَثِيرًا".
كما أنّ كلمة الله المُقدّسة تُعلِّمنا في رسالة رومية 8: 28 حتّى الأشياء التي نراها سلبية فالله يحوّلها لخيرنا. كما نقرأ عن ذلك أيضًا في رسالة كورنثوس الأولى 10: 13.
لكنّ الله ـ من الجهة الأخرى ـ في محبّته لنا أيضًا، يُبعِد عنّا مصائب وضيقات كثيرة، وكم من آلام وضيقات مَرَرنا بها وأنقذَنا منها، وكم من أمور أُخرى أكبر وأخطر حَفِظَنا الله وحمانا منها ولم يدعها تأتي إلينا. ونحن عمومًا من جهتنا إن أخضعنا إرادتنا لله بالتّمام، فسوف نكون بذلك قد وفّرنا على أنفسنا متاعب كثيرة.
إنّ الله لم يُوجِد الشّرّ والألم في العالم، لكنّهما وُجِدا كنتيجةٍ لخطيّة الإنسان وعصيانه لأوامر الله. لقد خلق الله كلّ شيءٍ حسنًا، لكنّه خصَّ المخلوق الأعلى ـ الإنسان ـ بحُريّة الإرادة كي يقدر أن يميّز بين الخير والشّرّ، لأنّه كيف يكون الإنسان صالحًا إن لم تكن له حريّة الإرادة في اختيار الخير ورفض الشّرّ المُقدَّم له (المعروض عليه)؟!.
إنّ آدم وحوّاء سقطا في الخطيّة نتيجةَ عصيانهما لصوت الله. لم تكن المآسي التي نراها ونلمسها كلّ يوم من حولنا لم تكن في صميم خطّة الله الأصليّة لحياتنا، بل نحن الذين أدخلناها لأرضنا ولعالمنا باختيارنا ـ كجنس بشريّ ـ في شخص آدم وحوّاء.
للإنسان دور رئيسي فيما يحدث من شرور حولنا، ففي البداية أعطى الإنسان سيادة العالم للشيطان بسقوطه في الخطية، وتخيل ما سيحدث حينما تعطي سيادة العالم للشيطان، أعتقد سيكون ما نراه الآن من حولنا..
كما أنه في وقتنا الحاضر، أسأنا استخدام موارد الأرض بطرق مختلفة، تعامل الإنسان مع الطبيعة بإهمال وعدم اكتراث بنتائج هذا الإهمال. مما أدى لتغيير المناخ الذي أدى بدوره لحدوث كوارث طبيعية مدمرة..
ولكن عزيزي القارئ، هناك أشياء تحدث لنا يمكننا أن ندرك سببها وأن نضع لها تفسيرات متعددة، وهناك أشياء سنتوجه بها إلى الله طالبين أن يفتح أعيننا وأن يجاوبنا على أسئلتنا.. يقول الرسول بولس في رسالة رومية 11: 33 "يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ!" لن نستطع بعقولنا البشرية وحكمتنا المحدودة، أن ندرك كل حكمة الله الغير محدود.
ولكن في هذه جميعها، نثق أن الله يحب كل البشر، ولديه إرادة صالحة للجميع، لذلك نصلي من كل قلوبنا لأحبائنا في المغرب وليبيا، نصلي لكل بيت هدم وكل شخص تشرد، وكل أسرة مجروحة لفقدان عزيز لديها، نصلي أن يمنح الله شعبي المغرب وليبيا القوة على اجتياز هذه الكوارث.
إذا كان لديك عزيزي القارىء أيّة مشكلة تحبّ أن تشاركنا بها، وتحبّ أن نصلّي لأجلك .. اتّصل بنا
إنّ موضوع أطفال الشّوارع في غاية الأهميّة، فهي مشكلة اجتماعيّة خطيرة، لأنّ الأطفال هم مستقبل الدّولة، فإذا تمّ الاهتمام بهم سنضمن مستقبل شعب بأسره، فهُم رِجال الغد والأمل في الحاضر والمستقبل.
بالرّغم من الجهود العربيّة والدّوليّة في مجال رعاية الطّفولة، إلاّ أنّ هناك فئة من الأطفال تعاني من الحرمان وتعيش في ظروف صعبة.